تسع بهذه الآية فمخطئ ؛ لأنّه لو كان كذلك لما جاز أن يتزوج دون تسع ، وأيضا فلو أراد الله تعالى ذلك لقال : فانكحوا تسعا ؛ لأن هذا التكرار عيّ ، وتسع أخصر منه ؛ وهذا على طريق التخيير لا للإيجاب (١).
قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [النساء : ٢٦]
يسأل عن دخول (اللّام) في قوله : (لِيُبَيِّنَ لَكُمْ؟)
وفيها ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّ معناها (أن) ، و (أن) تأتي مع (أردت وأمرت) ؛ لأنّها تطلب الاستقبال لذا (٢) استوثقوا لها باللّام ، وربّما جمعوا بين (اللّام) و (كي) لتأكيد الاستقبال ، قال الشّاعر :
أردت لكيما لا ترى لي عثرة |
|
ومن ذا الّذي يعطى الكمال فيكمل (٣) |
ولا يجوز أن تقع (اللام) بمعنى (أن) مع الظن ؛ لأن الظن يصلح معه الماضي والمستقبل ، نحو : ظننت أن قمت ، وظننت أن تقوم ، وهذا قول الكسائي والفراء (٤) ، وأنكره الزجاج (٥) ، وأنشد :
أردت لكيما يعلم النّاس أنّها |
|
سراويل قيس والوفود شهود (٦) |
قال : ولو كانت (اللّام) بمعنى (أن) لم تدخل على (كي) (٧) كما [٢٤ / ظ] لا تدخل (أن) على (كي) ، قال : ومذهب سيبويه وأصحابه أنّ (اللام) دخلت هاهنا على تقدير المصدر ، أي : الإرادة للبيان ، نحو قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف : ٤٣].
__________________
(١) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ٩ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١٣ ، والجامع لأحكام القرآن : ٥ / ١٧.
(٢) زيادة يقتضيها السّياق.
(٣) معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٦٢ أنشده أبو ثروان ، وفي شواهد الهمع : ٤ / ١٠١ وروايته : (تراني عشيرتي) بدلا من : (ترى لي عثرة).
(٤) معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٦١.
(٥) معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ٣٥.
(٦) البيت من شواهد المبرد في الكامل : ٢ / ٦٤٠ ، والزبيدي في تاج العروس : ٧ / ٣٧٥ ، وهو لقيس ابن مسعود الأنصاري.
(٧) وهو قول الخليل وسيبويه ومن تابعهما ، ينظر الكتاب : ١ / ٤٧٩ ، والجنى الداني : ١٢٢ ، ومغني اللبيب : ٢٨٥.