قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) [آل عمران : ٦٤].
يسأل من المخاطب هاهنا من أهل الكتاب؟ وفيه ثلاثة أجوبة (١) :
أحدها : أن المخاطب نصارى نجران ، وهذا قول الحسن ومحمد بن جعفر ابن الزبير والسّدي وابن زيد.
والثاني : أن المخاطب يهود المدينة ، وهو قول قتادة والربيع وابن جريج ، ومعنى هذا أنهم أطاعوا أحبارهم طاعة الأرباب.
والثالث : أن المخاطب الفريقان ، وهذا ظاهر التلاوة.
ويسأل عن (سَواءٍ) ما معناه هاهنا؟
قيل معناه : مستو ، فموضع اسم المصدر موضع اسم الفاعل ، كأنه قال : تعالوا إلى كلمة مستوية (٢). وقرأ الحسن سواء بالنصب على المصدر (٣).
ويسأل عن موضع (أن) من قوله : (أَلَّا نَعْبُدَ؟)
والجواب أنها تحتمل وجهين :
أحدهما : أن تكون في موضع جر على البدل من (كَلِمَةٍ ،) كأنه قال : تعالوا إلى أن لا نعبد إلا الله (٤).
والوجه الثاني : أن تكون في موضع رفع ، كأنه قال : هي أن لا نعبد إلا الله (٥). ومن رفع (٦) فقرأ «أن لا نعبد» ، فأن مخففة من الثقيلة ، كأنه قال : أنه لا نعبد إلا الله ، ومثله : (أَفَلا يَرَوْنَ) [طه : ٨٩] ، وإذا كانت مخففة من الثقيلة كانت من عوامل الأسماء ، وثبتت النون في الخط ، وعلى الوجه الأول تكون من عوامل الأفعال ولا تثبت النون في الخط (٧).
__________________
(١) تنظر هذه المسألة مفصلة في جامع البيان : ٣ / ٤١٠ ـ ٤١١ ، وزاد المسير : ١ / ٣٤٠.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٢٠ ، ومعاني القرآن للأخفش : ١ / ٢٠٦ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ١ / ٣٥٨ ، والبحر المحيط : ٣ / ١٩٤ ، والدر المصون : ٣ / ٢٣٣.
(٣) إعراب القرآن للنحاس : ١ / ٣٨٣ ، ومختصر في شواذ القراءات : ٢١ ، والبحر المحيط : ٣ / ١٩٤.
(٤) معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٢٠ ، ومعاني القرآن للأخفش : ١ / ٢٠٧.
(٥) معاني القرآن وإعرابه : ١ / ٣٥٨ ، كشف المشكلات : ١ / ٣٣٥ ، ومجمع البيان : ٢ / ٣١٣ ـ ٣١٤.
(٦) نبه على هذا الفراء في معاني القرآن : ١ / ٢٢٠.
(٧) أي أن الفرق بين (أن) المخففة من الثقيلة والعاملة في الأسماء ، و (أن) الناصبة للفعل المضارع ، هو أن الأولى تكتب هكذا (أن لا) ، أما الثانية فتكتب هكذا (ألا) بحذف النون.