ومن قرأ «أن لا نعبد إلّا الله» بالإسكان ف (أن) مفسرة كالتي في قوله تعالى : (أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا) [ص : ٦] ، فالمعنى : أي لا نعبد إلا الله ، و (أَلَّا) على هذا جازمة ؛ لأنه نهي (١).
قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [آل عمران : ١٤٦].
يقال : كأيّن وكاين وكاء بمعنى (٢) ، قال الشاعر :
كأيّن في المعاشر من أناس |
|
أخوهم فوقهم وهم كرام (٣) |
فشدد ، وقال جرير (٤) :
وكائن بالأباطح من صديق |
|
يراني لو أصبت هو المصابا |
فخفف.
وفي هذا لغات أخر (٥) ، وتعليله من طريق التصريف يطول شرحه ، وجملتها أنها (أي) دخلت عليها (كاف) التشبيه ، كما دخلت على (ذا) في قولك : كذا ، وغيرت في اللفظ كما غيرت في المعنى [٢٣ / و] ؛ لأنها نقلت إلى معنى (كم) في التكثير ، والأصل التشديد ، وإنما وقع التخفيف لكراهة التضعيف ، كما قالوا : لا سيما ، والأصل : لا سيّما (٦).
وقرأ ابن كثير (قُتلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ) وكذلك نافع وأبو عمرو (٧). وقرأ الباقون (٨) «قاتل».
__________________
(١) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ١ / ٣٣٩ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ١ / ٣٥٩ ، والمجيد : (تحقيق : عطية) : ١٠٨.
(٢) ينظر في (كأين) : ارتشاف الضرب : ٢ / ٧٩٢ ، والجامع لأحكام القرآن : ٤ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، والدر المصون : ٣ / ٤٢١.
(٣) بلا عزو في حجة القراءات : ١٧٥ ، والمحرر الوجيز : ٣ / ٣٥٤ ، والفريد : ١ / ٦٤١ ، والبحر المحيط : ٣ / ٣٦٨ ، وحماسة القرشي : ١٠٠.
(٤) ديوانه : ٢٨ ، وهو في معاني القرآن وإعرابه : ١ / ٣٩٩ ، وشرح الأبيات المشكلة : ٢٤٤ ، والحجة للقراء السبعة : ٣ / ٨٠ ، ورصف المباني : ١٣٠.
(٥) قرأ ابن كثير : (وكائن) بألف بعدها همزة مكسورة ، وقرأ الجمهور (كأيّن) بهمزة بعدها ياء مشددة. السبعة : ٢١٦ ، والتذكرة : ٢ / ٣٦٠ ، والتبصرة : ١٧٤ ، والعنوان : ٨١ ، والإرشاد : ٢٦٨.
(٦) ينظر المحتسب : ١ / ١٧١ ، وإعراب القرآن لأبي طاهر : ق ١٥٩ ، وفوائد في مشكل القرآن : ٦٨ ، ومعجم مفردات الإعلال والإبدال : ٤٢ ـ ٤٤.
(٧) السبعة : ٢١٦ ، ومعاني القراءات : ١ / ٢٧٥ ، والحجة للقراء السبعة : ٣ / ٨٢ ، وحجة القراءات : ١٧٥ ، والكشف : ١ / ٣٥٩ ، والموضح : ١ / ٣٨٥ ، والمكرر : ٢٤.
(٨) إعراب القراءات السبع وعللها : ١ / ١٢٠ ، والمبسوط : ١٦٩ ، والعنوان : ٨١ ، والإقناع : ٢ / ٦٢٢.