والثّاني : أنّه كناية عن التّعمير (١) ، والثّالث : أنّه عماد (٢).
ومنع الزجاج هذا القول الأخير ، قال : إذا جاءت الباء في خبر (ما) لم يصلح العماد عند البصريين لا يجوز عندهم : ما هو بقائم زيد ، ولا ما هو قائما زيد (٣).
قال غيره : إذا كانت (ما) غير عاملة في الباء جاز ، كقولك : ما بهذا بأس (٤).
فصل :
وممّا يسأل عنه : أن يقال : ما موضع (أَنْ يُعَمَّرَ؟)
والجواب : رفع ، فإن قيل : من أي وجه؟ قيل : من وجهين :
أحدهما : الابتداء وخبره : بمزحزحه (٥) ، أو يكون على تقدير الجواب لما كنّي عنه ، كأنّه قيل : وما هو الذي بمزحزحه؟
فقيل : هو التّعمير (٦). والوجه الآخر : أن يرتفع بمزحزحه ارتفاع الفاعل بفعله (٧) ، كما تقول :
مررت برجل معجب قيامه ، وقيل في معنى بمزحزحه : بمبعده ، وقال ابن عباس :
بمنجيه ، وهو قول أبي العالية أيضا (٨). [١٤ / ظ].
قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة : ١٠٦].
قال ابن دريد : النّسخ نسخك كتابا عن كتاب (٩) ، قال صاحب العين (١٠) : النّسخ أن تزيل أمرا كان من قبل يعمل به تنسخه بحادث غيره ، كالآية ينزل فيها أمر ثم يخفف عن
__________________
(١) المجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٣٣٧ ، والكشاف : ١ / ٢٩٨.
(٢) ينظر المجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٣٣٨ ، وائتلاف النصرة : ٦٧.
(٣) معاني القرآن وإعرابه : ١ / ١٥٨.
(٤) نبه لهذا مكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ١٠٥.
(٥) ينظر التبيان في إعراب القرآن : ١ / ٥٣ ، ومغني اللبيب : ١ / ٣٠٥.
(٦) ينظر كشف المشكلات : ١ / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، وتفسير النسفي : ١ / ٦٤.
(٧) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ٣٦٠ ، والمجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٣٣٧.
(٨) ينظر جامع البيان : ١ / ٦٠٥ ، والتبيان في تفسير القرآن : ١ / ٣٦٠.
(٩) جمهرة اللغة : ٢ / ٢٢٢.
(١٠) ينظر العين : ٤ / ٢٠١ (نسخ) ، وقيل إن القول لليث بن نصر تلميذ الخليل الذي أكمل العين ، ينظر النص بتمامه في تاج العروس : ٢ / ٢٨٢.