أحدها : أنّ معناه النداء (١) ، كأنّه قال : ثم أنتم يا هؤلاء تقتلون أنفسكم.
والثاني : أنّ معناه التّوكيد لأنتم (٢) ، والخبر تقتلون ـ أعني ـ خبر أنتم ؛ لأنّه مبتدأ.
والثالث : أنّه بمعنى الذي (٣) ، وصلته (تقتلون) ، وموضع (تقتلون) رفع إذا كان خبرا ، وإذا كان (هؤلاء) بمعنى الذين فلا موضع لتقتلون ؛ لأنّه صلة.
قال الزجاج (٤) : ومثله في الصّلة : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) [طه : ١٧].
أي : وما الّتي بيمينك. وأنشد النّحويون :
عدس ما لعبّاد عليك إمارة |
|
أمنت وهذا تحملين طليق (٥) |
وهذا القول الأخير على مذهب الكوفيين (٦) ، ولا يجيزه أكثر البصريين (٧) ، وقد ذهب إليه جماعة من المتأخرين ممن يرى رأي البصريين (٨).
قوله تعالى : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) [البقرة : ٩٦].
الزحزحة : التّنحية (٩) ، والعذاب : اسم للتعذيب ، وهو بمنزلة الكلام من التّكليم (١٠) ، والتّعمير : طول العمر ، وعمر الشيء ومدته سواء (١١).
وقوله : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ) فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنّه كناية عن (أَحَدُهُمْ) (١٢) الذي جرى ذكره في قوله تعالى : (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ)
__________________
(١) إعراب القرآن لأبي طاهر : ٢٨٢ ، وشرح ابن عقيل : ٣ / ٢٥٧.
(٢) الإنصاف : ٢ / ٧١٩.
(٣) التبيان في إعراب القرآن : ١ / ١٣٩ ، والمجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٣١٠.
(٤) معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٨٨.
(٥) البيت ليزيد بن مفرغ الحميري. ديوانه : ١٧٠.
وينظر ومعاني القرآن للفراء : ١ / ١٣٨ والجمل في النحو : ١ / ١٨٠ ، والمفصل في صنعة الإعراب : ١ / ١٩٠.
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ١٣٨.
(٧) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ١ / ١٩٣.
(٨) ينظر الإنصاف : ٢ / ١١٧ ، وشرح قطر الندى : ١٠٦ ، والمجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٣١٠.
(٩) ينظر المفردات غريب القرآن : ٢١٢ ، واللسان : ٢ / ٤٦٨ (زحزح).
(١٠) ينظر الصحاح : ١ / ١٧٨ (عذب).
(١١) ينظر العين : ٢ / ١٣٧ (عمر).
(١٢) إعراب القرآن لأبي طاهر : ٢٩٦ ، ومشكل إعراب القرآن : ١ / ١٠٥.