وقيل : أصلها اللزوم من قول الشاعر (١) :
لم أكن من جنتها ـ علم الل |
|
ه ـ وإنّي لحرّها اليوم صال |
أي : ملازم لحرها ، فكأنّ معنى الصّلاة ملازمة العبادة على الحد الذي أمر الله تعالى به.
وقيل : أصلها من الصلا ، وهو عظم العجز لرفعه في الركوع والسجود (٢). ومن هذا قول النابغة : (٣)
فآب مصلّوه بعين جليّة |
|
وغودر بالجولان حزم ونائل |
أي : جاؤوا في صلا السابق ، وعلى [١٣ / ظ] القول الأول أكثر العلماء.
ومنه قوله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) [الأنفال : ٣٥] ، أي : دعاؤهم ، والأصل على ما قلنا الدعاء ، وهو : اسم لغويّ ، فأضيف إلى ذلك الدعاء عمل بالجوارح ، فقيل : صلاة ، وصار اسما شرعيا.
ومثل هذا (الصوم) أصله الإمساك في اللغة (٤). وجاء في الشرع : الإمساك عن الطعام ، فصار اسما شرعيا بهذه الزيادة.
والكبيرة : نقيض الصغيرة ، ويقال : كبر الشيء فهو كبير ، وكبر الأمر ، أي : عظم ، وأصل الخشوع التذلل (٥). قال جرير (٦) :
لمّا أتى خبر الزّبير تضعضعت |
|
سور المدينة والجبال الخشّع |
ومنه : خشعت الأصوات ، أي : سكنت وذلّت.
فصل :
وممّا يسأل عنه : أن يقال : ما وجه الاستعانة بالصلاة؟
والجواب : أنّه لمّا كان في الصلاة تلاوة القرآن ، وفيها الدعاء والخضوع لله عزوجل كان
__________________
(١) البيت للحارث بن عباد كما جاء في الجامع لأحكام القرآن : ١ / ١٦٩ ، ٥ / ٥٤. وينظر مجمع البيان : ١ / ١٨٩.
(٢) ينظر العين : ٧ / ١٥٣ (صلا) ، واللسان : ١٤ / ٤٦٦ (صلا).
(٣) ديوانه : ٩٠ ، وهو من شواهد الأزهري في تهذيب اللغة : ١١ / ١٨٨.
(٤) الصحاح : ٥ / ١٩٧٠ (صوم) ، واللسان : ١٢ / ٣٥١ (صوم).
(٥) الفروق اللغوية : ٢١٧ ، واللسان : ٨ / ٧١ (خشع) ، وتاج العروس : ٥ / ٣١٨.
(٦) ديوانه : ٣٤٥ ، وهو من شواهد ابن الجوزي في زاد المسير : ٤ / ١٤٣ ، والرضي في شرحه على الكافية : ٢ / ٢١٥.