من قولهم : من سنّ سنّة خير كان له أجرها وأجر من يعمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سنّ سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة (١). ونصب (أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ؛) لأنّه خبر كان (٢) ، وأمّا نصب قوله : (مُصَدِّقاً) فلأنّه حال من الهاء المحذوفة ؛ كأنّه قال : وآمنوا بما أنزلته مصدقا لما معكم ، ويصلح أن ينتصب ب : (آمِنُوا ،) كأنّه قال : آمنوا بالقرآن مصدقا ، ومعكم ظرف ، والعامل فيه الاستقرار ، كأنّه قال : وآمنوا بما أنزلت مصدقا للذي استقر معكم ، وهذا الاستقرار مع الظرف الذي يتعلق به من صلة الذي (٣).
قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) [البقرة :
٤٥].
استعينوا : استفعلوا ، من العون ، وأصله : استعونوا ، فاستثقلت الكسرة على الواو ، فنقلت إلى العين فانقلبت ياء لانكسار ما قبلها ؛ لأنّه ليس في كلام العرب واو ساكنة قبلها كسرة (٤).
والصبر : نقيض الجزع (٥). وأصل الصلاة عند أكثر أهل اللغة الدعاء (٦).
من [ذلك] قول الأعشى (٧) :
عليك مثل الّذي صلّيت فاغتمضي |
|
يوما فإنّ لجنب المرء مضطجعا |
أي : دعوت. ومثله :
وقابلها الرّيح في دنّها |
|
وصلّى على دنّها وارتسم (٨). |
أي : دعا.
__________________
(١) نص الحديث في صحيح مسلم : ٣ / ٨٧ (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء).
(٢) إعراب القرآن لأبي طاهر : ٢٤٣ ، والمجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٢١٠.
(٣) ينظر إعراب القرآن لأبي طاهر : ٢٤٣ ، والبحر المحيط : ١ / ١٧٦ ، والمجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٢٠٨.
(٤) ينظر مشكل إعراب القرآن : ١ / ٩٠ ، وإملاء ما منّ به الرحمن : ١ / ٣٤.
(٥) العين : ٧ / ١١٥ (صبر) ، واللسان : ٤ / ٤٣٨ (صبر).
(٦) العين : ٥ / ٣٤٦ (ذكر) ، ومعاني القرآن للنحاس : ١ / ٨٣ ، والصحاح : ٦ / ٢٤٠٢ (صلا).
(٧) ديوانه : ١٠٥ ، والزيادة يقتضيها السياق.
(٨) القول للأعشى في الخمر ، ديوانه : ٢٩. وأنشده الجوهري في الصحاح : ٥ / ١٩٣٣ (رسم) ، وابن منظور في اللسان : ١٣ / ١٥٩ (رسم).