والجواب : أنّ المعنى ولا تكونوا أوّل كافر بالقرآن من أهل الكتاب ، وقد كانت قريش كفرت به بمكة (١).
وقيل : المعنى ولا تكونوا السّابقين إلى الكفر فيتبعكم النّاس ، أي : لا تكونوا أئمة في الكفر به (٢).
وقيل : المعنى ولا تكونوا أوّل جاحد أنّ صفة النّبي في كتابكم ، والهاء في (بِهِ) على هذا القول تعود على النبي صلىاللهعليهوسلم وفي القول الأول تعود على القرآن (٣).
وقيل : المعنى ولا تكونوا أوّل كافر بما معكم من كتابكم ؛ لأنّكم إذا جحدتم ما فيه من صفة النبي صلىاللهعليهوسلم فقد كفرتم به (٤).
والأول : قول أبي العالية (٥) ، والقول الثاني : قول ابن جريج ، والقول الثالث : حكاه الزجاج.
فصل :
وممّا يسأل عنه : أن يقال لم وحّد (كافِرٍ) في قوله : (أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) وقبله جمع؟ وفي هذا أجوبة :
قال الفراء (٦) : لأنّه في مذهب الفعل ، معناه : أوّل من كفر به ، ولو أريد الاسم لم يجز إلا بالجمع ، مثل قولك للجماعة : لا تكونوا أوّل رجال يفعلون ذلك. لا يجوز أن تقول : لا تكونوا أول رجل يفعل ذلك.
وقال أبو العباس (٧) : هذا الذي قاله الفراء خارج من المعنى المفهوم ؛ لأنّ الفعل هاهنا والاسم سواء ، إذا قال القائل : زيد أوّل رجل جاء لمعناه : أوّل الرجال الذين جاؤوا رجلا رجلا.
__________________
(١) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ١ / ١١٣ ، ومعالم التنزيل : ١ / ٨٧.
(٢) ينظر بحر العلوم : ١ / ١١٤.
(٣) ينظر إعراب القرآن لأبي طاهر : ٢٤٣ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٣٤ ، والمجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٢١١.
(٤) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ١ / ١١٣.
(٥) هو زياد بن فيروز البصري (ت ٩٠ ه). ينظر الثقات : ٢٥٨ ، ومشاهير علماء الأمصار : ١٥٣.
(٦) معاني القرآن للفراء : ١ / ٣٢ ـ ٣٣.
(٧) ينظر المقتضب : ١ / ١٥١ ـ ١٥٢ ، ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، وينظر أيضا قول النحاس في إعرابه : ١ / ١٦٨ ، ومشكل إعراب القرآن : ١ / ٩١ ، والبحر المحيط : ١ / ١٧٧.