وغيره من النّحويين (١) : هو اسم أعجمي معرب استدلوا على ذلك بامتناع صرفه ، وذهب قوم إلى أنّه عربي مشتق من (الإبلاس) (٢).
وأنشدوا للعجاج (٣) :
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا |
|
قال : نعم أعرفه وأبلسا |
وقال رؤبة (٤) :
وحضرت يوم الخميس الأخماس |
|
وفي الوجوه صفرة وإبلاس |
أي : اكتئاب وكسوف ، وزعموا أنّه لم ينصرف استثقالا له ، لأنّه اسم لا نظير له من أسماء العرب ، فشبهته العرب بأسماء العجم التي لا تنصرف (٥).
وزعموا أنّ (إسحاق) الذي لا ينصرف من أسحقه الله إسحاقا ، وأنّ (أيوب) من آب يؤوب ، وأنّ (إدريس) من الدّرس في أشباه لذلك (٦) ، وغلطوا في ذلك ؛ لأنّ هذه ألفاظ معبرة وافقت ألفاظ العربية (٧) ، وكان أبو بكر بن السّراج (٨) يمثل ذلك على جهة التّبعيد لمن يقول : إنّ الطّير ولد الحوت ، وغلطوا أيضا في أنّه لا نظير له في أسماء العرب ،
__________________
(١) كقول ابي عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٣٨ ، والنحاس في إعراب القرآن : ١ / ١٦٢.
(٢) ينظر زاد المسير : ١ / ٥٢ ، وإملاء ما منّ به الرحمن : ١ / ٣٠.
(الإبلاس) : الحيرة ، وقيل : القنوط وقطع الرجاء من رحمة الله تعالى. اللسان : ٦ / ٣٠ (بلس).
(٣) ديوانه : ٤٣١ ، والكامل : ١ / ٣٥٢ ، والنّكت والعيون : ١ / ١٠٢.
(٤) ديوانه : ١١٥ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٢٥.
(٥) ردّ ابن فضال على من منع صرفه لشبهه بالأعجمي ، وليس له نظير في العربية ، جاء به أكثر المعربين والمفسرين. ينظر جامع البيان : ١ / ١٧٢ ، وإعراب القرآن المنسوب للزجاج : ١ / ٢١٢ ، والبيان : ١ / ٧٤ ، والبحر المحيط : ١ / ١٥١.
(٦) زاد المسير : ٢ / ٢٢٢ ، والجامع لأحكام القرآن : ١١ / ١١٧.
(٧) في رأيه هذا موافق لابن جني الذي غلّطهم في كتابة المنصف : ١ / ١٢٨.
(٨) ينظر الأصول : ٢ / ٩٤ ـ ٩٥. وهو : محمد بن السري ، والنّحوي ، أحد العلماء المشهورين باللغة والنّحو والأدب ، أخذ عن المبرد. (ت ٣١٦ ه) ينظر ترجمته في : طبقات النحويين واللغويين : ١١٢ ـ ١١٤ ، والبلغة : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، والمدارس النحوية : ١٤٠ ـ ١٤٤.