أحدهما : أنه كان على وجه التّحية لآدم ، والتّكرمة والعبادة لله تعالى لا لآدم ، وهو قول قتادة (١). والثاني : أنّه كان على معنى القبلة ، كما أمروا بالسّجود إلى القبلة (٢).
والوجه الأول أبين.
فصل :
ويسأل عن قوله : (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) [البقرة : ٣٤]. ما معنى (كان)؟
الجواب : أنّ بعضهم قال المعنى : وصار من الكافرين (٣) ، وقيل : كان في علم الله من الكافرين (٤) ، وقال بعضهم : كان كافرا في الأصل (٥).
فصل :
قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا) في موضع نصب ؛ لأنّها معطوفة على (إِذْ) الأولى كأنّه قال : واذكر إذ قال ربّك للملائكة. وقال أبو عبيدة (٦) : لا موضع لها ، وقد نبهنا على فساد هذا فيما تقدم.
وإبليس : اسم أعجمي لا ينصرف في المعرفة للتعريف والعجمة (٧). قال الزجاج (٨)
__________________
(١) ينظر النكت والعيون : ١ / ٩١. قال الطبري : ١ / ٦٤ : (أن جميع العلماء اتفقوا على هذا القول وأن اختلفوا في كيفية السجود). وقد رجّح الرازي وابن كثير أنّ المراد به السجود الحقيقي ، وهو وضع الجبهة على الأرض. ينظر التفسير الكبير : ٢ / ٢٣١ ، وتفسير القرآن العظيم : ١ / ٨٧ ـ ٨٩. كما رجّحه الشوكاني ونسبه للجمهور. ينظر فتح القدير : ١ / ٦٦.
(٢) ينظر النكت والعيون : ١ / ٩١ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٧٧. وقد ضعفه الرازي وابن كثير. ينظر التفسير الكبير : ٢ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، وتفسير القرآن العظيم : ١ / ٧٨ ـ ٧٩. وردّه ابن تيمية في الفتاوى : ٤ / ٣٥٨ ـ ٣٦١ ، وقال : أنّ السجود كان لآدم بأمر الله وفرضه بإجماع من يسمع قوله ، او سجود الملائكة لآدم عبادة لله تعالى وطاعة له وقربة يتقربون بها إليه ، وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم ، وأما الخضوع والقنوت بالقلوب ، والاعتراف بالربوبية والعبودية فلا يكون على الإطلاق إلا لله وحده. أه بتصرف.
(٣) معالم التنزيل : ١ / ٨٢.
(٤) ينظر البحر المحيط : ١ / ١٥٤ ، والدر المصون : ١ / ٢٧٨.
(٥) ينظر النكت والعيون : ١ / ١٠٣ ، والفريد : ١ / ٢٧٣.
(٦) مجاز القرآن : ١ / ٣٧.
(٧) ينظر مجاز القرآن : ١ / ٣٨ ، ورجّحه الجواليقي في المعرب : ٧١.
(٨) معاني القرآن : ١ / ١٠٦.