قال أنشدنا ابن دريد (١) قال أنشدنا أبو حاتم (٢) :
ونار قد حضأت بعيد وهن |
|
بدار ما أريد بها مقاما |
سوى تحليل راحلة وعين |
|
أكالئها مخافة أن تناما |
أتوا ناري فقلت : منون أنتم؟ |
|
فقالوا : الجنّ ، قلت : عموا ظلاما |
فقلت : إلى الطّعام ، فقال منهم |
|
زعيم : نحسد الأنس الطّعاما |
لقد فضلتم بالأكل فينا |
|
ولكن ذاك يعقبكم سقاما |
فهذا يدلّ على أنّهم لا يأكلون ولا يشربون ؛ لأنّهم روحانيون. وجاء في بعض الأخبار النّهي عن التّمسح بالعظم والرّوث (٣) ، قال : لأنّ ذلك طعام الجن ، وطعام دوابهم ، فإن صحّ ذلك ، فلأنهم لمّا سكنوا الأرض خالفوا حكم الملائكة ؛ لأنهم خرجوا من جملتهم بعصبية إبليس. وقد قيل في تأويل الحديث : أنّهم يتشممون [١٢ / و] ذلك ولا يأكلونه ، والقول الأول : قول الحسن (٤) ، والثاني : قول الجمهور من العلماء (٥) ، وروي عن ابن عباس القولان جميعا (٦).
وروي عن ابن مسعود ، قال : كانت الملائكة تقاتل الجن ، فسبي إبليس وكان صغيرا مع الملائكة ، فتعبد معها بالأمر بالسجود (٧) ، فلذلك قال الله تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) [الكهف : ٥٠].
ويسأل عن سجود الملائكة لآدم على أي وجه كان؟
وفيه جوابان :
__________________
(١) هو : أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي ، (ت ٣٢١ ه). ينظر ترجمته في : الفهرست : ٦٤ ، ولسان الميزان : ٥ / ١٣٢.
(٢) هو : سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد الجشمي السجستاني (ت ٢٥٥ ه) ينظر ترجمته في : طبقات النحويين واللغويين : ٩٤ ، والبلغة : ٩٣.
(٣) ينظر صحيح البخاري : ٤ / ٢٤١ ، ومجمع البيان : ١ / ١٦٤.
(٤) القول منسوب إليه في معالم التنزيل : ١ / ٨١.
(٥) ينظر جامع البيان : ١ / ١٧٨.
(٦) مجمع البيان : ١ / ١٦٤.
(٧) جامع البيان : ١ / ٣٢٤ ، والتبيان في تفسير القرآن : ١ / ١٥٣.