عَلَى نِيرَانِهَا مُنْكِرَةً لِلَّهِ مَعَ عِرْفَانِهَا فَأَنَارَ اللهُ بِأَبِي صلی الله علیه وسلم ظُلَمَهَا وَفَرَّجَ عَنِ الْقُلُوبِ بُهَمَهَا وَجَلَا عَنِ الْأَبْصَارِ عَمَهَهَا (١) ثُمَّ قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَاخْتِيَارَ رَغْبَةٍ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه وسلم عَنْ تَعَبِ هَذِهِ الدَّارِ مَوْضُوعاً عَنْهُ أَعْبَاءُ الْأَوْزَارِ مَحْفُوفاً بِالْمَلَائِكَةِ الْأَبْرَارِ وَرِضْوَانِ الرَّبِّ الْغَفَّارِ وَجِوَارِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ فَصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ أَمِينِهِ عَلَى الْوَحْيِ وَخِيَرَتِهِ مِنَ الْخَلْقِ وَرَضِيِّهِ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
ثُمَّ قَالَتْ علیهما السلام وَأَنْتُمْ عِبَادَ اللهِ نُصْبُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَحَمَلَةُ كِتَابِ اللهِ وَوَحْيِهِ أُمَنَاءُ اللهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَبُلَغَاؤُهُ إِلَى الْأُمَمِ حَوْلَكُمْ لِلَّهِ فِيكُمْ عَهْدٌ قَدَّمَهُ إِلَيْكُمْ وَبَقِيَّةٌ اسْتَخْلَفَهَا عَلَيْكُمْ كِتَابُ اللهِ بَيِّنَةٌ بَصَائِرُهُ وَآيٌ مُنْكَشِفَةٌ سَرَائِرُهُ وَبُرْهَانٌ فِينَا مُتَجَلِّيَةٌ ظَوَاهِرُهُ مُدِيماً لِلْبَرِيَّةِ اسْتِمَاعُهُ قَائِداً إِلَى الرِّضْوَانِ أَتْبَاعَهُ وَمُؤَدِّياً إِلَى النَّجَاةِ أَشْيَاعَهُ (٢) فِيهِ تِبْيَانُ حُجَجِ اللهِ الْمُنِيرَةُ وَمَوَاعِظُهُ الْمَكْرُورَةُ وَمَحَارِمُهُ الْمَحْذُورَةُ وَأَحْكَامُهُ الْكَافِيَةُ وَبَيِّنَاتُهُ الْجَالِيَةُ وَجُمَلُهُ الْكَافِيَةُ [الشَّافِيَةُ] وَشَرَائِعُهُ الْمَكْتُوبَةُ [الْمَكْنُونَةُ] وَرُخَصُهُ الْمَوْهُوبَةُ فَفَرَضَ اللهُ الْإِيمَانَ تَطْهِيراً لَكُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالصَّلَاةَ تَنْزِيهاً لَكُمْ مِنَ الْكِبْرِ وَالزَّكَاةَ تَزْيِيداً لَكُمْ فِي الرِّزْقِ وَالصِّيَامَ تَبْيِيناً إِمَامَتَنَا (٣) وَالْحَجَّ تَسْنِيَةً لِلدِّينِ (٤) وَالْعَدْلَ تَنَسُّكاً لِلْقُلُوبِ (٥) وَطَاعَتَنَا نِظَاماً لِلْمِلَّةِ وَإِمَامَتَنَا لَمّاً لِلْفُرْقَةِ (٦) وَالْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ وَالصَّبْرَ مَئُونَةً لِلِاسْتِيجَابِ (٧) وَالْأَمْرَ
________________
(١) البهم جمع البهيم : الأسود. والعمة : التحير والتردد.
(٢) وفي بعض النسخ «ومؤد إلى النجاة استماعه».
(٣) وفي بعض النسخ «تثبيتا» أي لتشييد الإخلاص وابقائه.
(٤) أي سببا لرفعة الدين وعلوه وفي بعض الروايات «تشييدا» وفي آخر «تسلية» وذكر المجلسيّ (ره) لكل منهما وجها في البحار فراجع.
(٥) التنسك : العبادة قال في البحار : لان العدل امر نفساني يظهر آثاره على الجوارح.
(٦) لم الشيء : جمعه وضمه.
(٧) وفي بعض النسخ «على الاستيجاب» أي استيجاب الاجر كما في ساير الروايات إذ به يتم فعل الطاعات وترك السيئات كما قاله المجلسيّ (ره).