قَالَ (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) إِلَى قَوْلِهِ (أَجْرٌ عَظِيمٌ) (١) فصدق الله عليا في دعواه وشهد له بالإيمان والمهاجرة والجهاد وزكاه ورفع قدره بما أنزل فيه وأعلاه وكم له من المزايا التي لم يبلغها أحد سواه.
فأما مواقف جهاده ومواطن جده واجتهاده ومقامات جداله بألسنة الأسنة وجلاده فمنها ما كان مع رسول الله صلی الله علیه وسلم ومنها ما تولاه على انفراده فمن ذلك ما كان على رأس ثمانية عشر شهرا من قدومه المدينة وعمره إذ ذاك سبع وعشرون سنة.
غزوة بدر
التي هدت قوى الشرك وقذفت طواغيته في قليب الهلك وبينت الفرق بين الحق والإفك ودوخت مردة الكفار وسقتهم كاسات الدمار والبوار ونقلتهم من القليب إلى النار فيومها اليوم الذي لم يأت الدهر بمثله وفضل الله فيه من أحسن فضله أنزل الله فيه الملائكة لنصر رسوله صلی الله علیه وسلم تفضيلا له على جميع رسله وخصه فيه من إعلاء قدره بما لم ينله أحد من قبله وغادر صناديد قريش فرائس أسره وقتله وجزر شبا سنانه وحد نصله وجبرئيل ينادي أقدم حيزوم (٢) لإظهار دينه على الدين كله وعلي فارس تلك الملحمة فما تعد الأسد الغضاب بشسع نعله ومسعر تلك الحرب العوان ينصب على الأعداء انصباب السحاب ووبله ونار سطوته وبأسه تتسعر تسعر النار في دقيق الغضا وجزله. قَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي جَمِيعُ مَنْ يُحْصَى قَتْلُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلاً مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَشَرِكَ فِي قَتْلِهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ رَجُلاً شَرِكَ
________________
(١) التوبة : ١٩ ـ ٢٢.
(٢) حيزوم : اسم فرس النبيّ صلّى اللّه عليه وآله في غزوة بدر ، وقبل : اسم فرس جبرئيل عليه السلام والمعنى : اقدم يا حيزوم.