وَبَيْنَ أَهْلِ الزَّبُورِ بِزَبُورِهِمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْفُرْقَانِ بِفُرْقَانِهِمْ وَاللهِ مَا مِنْ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ وَلَا سَهْلٍ وَلَا جَبَلٍ وَلَا لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِيمَنْ أُنْزِلَتْ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ نَزَلَتْ وفي هذا القول إشارة إلى علمه صلی الله علیه وسلم بهذه الكتب المنزلة.
وأما تفصيل العلوم فمنه ابتداؤها وإليه تنسب
أما علم الكلام فالقائم بها الأشاعرة والمعتزلة والشيعة والخوارج هؤلاء أشهر فرقهم وأئمة هذه الطوائف إليه علیهما السلام يعتزون.
أما المعتزلة فينسبون أنفسهم إليه وأما الأشاعرة فإمامهم أبو الحسن كان تلميذا لأبي علي الجبائي وكان الجبائي ينسب إليه وأما الشيعة فانتسابهم إليه ظاهر وأما الخوارج فأكابرهم ورؤساؤهم تلامذة له.
فإذا كان علماء الإسلام وأئمة علم الأصول ينتسبون إليه كفى ذلك دليلا على غزارة علمه وأقصى المطالب في علم الأصول علم التوحيد والعلم بالقضاء والقدر والعلم بالنبوة والعلم بالمعاد والبعث والآخرة وكلامه علیهما السلام يشهد بمكانه من هذه العلوم ومعرفته بها وبلوغه فيها ما تعجز الأوائل والأواخر فمن تدبر معاني كلامه وعرف مواقعه علم أنه البحر الذي لا يساحل والحبر الذي لا يطاول.
وأما علم الفروع فهو ينقسم إلى قسمين قسم يتعلق بالأحياء وهو أنواع من الأحكام وغيرها وقسم يتعلق بالأموات وهو علم الفرائض وقسمة التركات وبهذا الاعتبار سمى النبي صلی الله علیه وسلم الفرائض نصف العلم حَيْثُ قَالَ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ
وهو أول ما ينزع من أمتي و ـ علي علیهما السلام قد تسنم هذه الذرى وفضل فيها جميع الورى فأسمع به وأبصر فلا تسمع بمثله غيره ولا ترى واهتد إلى اعتقاد فضله بناره فما كل نار أضرمت نار قرى واعلم يقينا أنه في علومه
________________
(١) هو أبو الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعريّ المنتسب إلى أبى موسى الأشعريّ وإليه تنسب الأشاعرة.
(٢) تسنم الشيء : علاه ـ مثل سنم ـ. والذرى جمع الذروة : أعلى الشيء