فَنَسِيَ حَاجَتَهُ الَّتِي جَاءَ لَهَا فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ لَا أَتَزَوَّجُكِ حَتَّى تَشْتَفِيَ لِي قَالَ وَمَا تَشَاءِينَ قَالَتْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَعَبْداً وَقَيْنَةً (١) وَقَتْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ هُوَ مَهْرُكِ فَأَمَّا قَتْلُ عَلِيٍّ فَلَا أَرَاكِ تُدْرِكِينَهُ وَلَكِنْ أَضْرِبُهُ ضَرْبَةً قَالَتْ فَالْتَمِسْ غُرَّتَهُ (٢) فَإِنْ أَصَبْتَهُ انْتَفَعْتَ بِنَفْسِكَ وَنَفْسِي وَإِنْ هَلَكْتَ فَ (ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَزِبْرِجِ أَهْلِهَا (٣).
فَقَالَ وَاللهِ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلَّا قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ فَإِذَا أَدْرَكْتَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَطْلُبُ لَكَ مَنْ يَشُدُّ ظَهْرَكَ وَيُسَاعِدُكَ عَلَى أَمْرِكَ فَبَعَثَتْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهَا مِنْ تَيْمِ الرِّبَابِ يُقَالُ لَهُ وَرْدَانُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَجَابَهَا وَجَاءَ ابْنُ مُلْجَمٍ رَجُلاً مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ شَبِيبُ بْنُ بَجْرَةَ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ فِي شَرَفِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ قَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِدّاً (٤) كَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَكْمُنُ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا خَرَجَ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ شَدَدْنَا عَلَيْهِ فَقَتَلْنَاهُ فَإِنْ نَجَوْنَا شُفِيَتْ أَنْفُسُنَا وَأَدْرَكْنَا ثَأْرَنَا وَإِنْ قُتِلْنَا فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا فَقَالَ لَهُ وَيْحَكَ لَوْ كَانَ غَيْرَ عَلِيٍّ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ قَدْ عَرَفْتَ بَلَاءَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَسَابِقَتَهُ مَعَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَمَا أَجِدُنِي أَنْشَرِحُ لِهَذَا قَالَ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ قَتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ الْعُبَّادَ الْمُصَلِّينَ قَالَ بَلَى قَالَ فَنَقْتُلُهُ بِمَنْ قَتَلَ مِنْ إِخْوَانِنَا.
فَأَجَابَهُ فَجَاءُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى قَطَامِ وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ مُعْتَكِفَةٌ فِيهِ فَقَالُوا لَهَا قَدْ أَجْمَعَ رَأْيُنَا عَلَى قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ فَإِذَا أَرَدْتُمْ ذَلِكَ فَأْتُونِي ثُمَّ عَادُوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ الَّتِي قُتِلَ عَلِيٌّ فِي صَبِيحَتِهَا سَنَةَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ هَذِهِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَعَدْتُ فِيهَا صَاحِبِي أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا صَاحِبَهُ فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ وَجَلَسُوا مُقَابِلَ السُّدَّةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ فَلَمَّا خَرَجَ شَدَّ عَلَيْهِ شَبِيبٌ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ
________________
(١) القينة : الأمة المغنية ، وقيل : الأمة مغنية كانت أو غير مغنية.
(٢) الغرة ـ بالكسر ـ : الخدعة.
(٣) الزبرج ـ بالكسر ـ : الزينة من وشى أو جوهر ونحو ذلك وقيل هو الذهب (ه. م)
(٤) الإد : الداهية والامر الفظيع (ه. م).