وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ قَائِمَانِ عَلَى رَأْسِهِ وَسُيُوفُهُمَا بِأَيْدِيهِمَا يَذُبَّانِ عَنْهُ وَثَابَ (١) مِنَ الْمُنْهَزِمِينَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَصَعِدَ الْبَاقُونَ الْجَبَلَ وَصَاحَ صَائِحٌ بِالْمَدِينَةِ قُتِلَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم فَانْخَلَعَتِ الْقُلُوبُ لِذَلِكَ وَتَحَيَّرَ الْمُنْهَزِمُونَ فَأَخَذُوا يَمِيناً وَشِمَالاً وَجَعَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ لِوَحْشِيٍّ جُعْلاً عَلَى أَنْ يَقْتُلَ رَسُولَ اللهِ أَوْ عَلِيّاً أَوْ حَمْزَةَ فَقَالَ أَمَّا مُحَمَّدٌ فَلَا حِيلَةَ فِيهِ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ يُطِيفُونَ بِهِ وَأَمَّا عَلِيٌّ فَإِنَّهُ إِذَا قَاتَلَ كَانَ أَحْذَرَ مِنَ الذِّئْبِ وَأَمَّا حَمْزَةُ فَإِنِّي أَطْمَعُ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا غَضِبَ لَمْ يُبْصِرْ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَانَ حَمْزَةُ يَوْمَئِذٍ قَدْ أَعْلَمَ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ فَكَمَنَ لَهُ وَحْشِيٌّ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ فَرَآهُ حَمْزَةُ فَبَدَرَ إِلَيْهِ بِالسَّيْفِ وَضَرَبَهُ فَأَخْطَأَهُ قَالَ وَحْشِيٌّ فَهَزَزْتُ الْحَرْبَةَ حَتَّى إِذَا تَمَكَّنْتُ مِنْهُ رَمَيْتُهُ فَأَصَبْتُهُ فِي أُرْبِيَّتِهِ فَأَنْفَذْتُهُ (٢) وَتَرَكْتُهُ حَتَّى إِذَا بَرَدَ صِرْتُ إِلَيْهِ وَأَخَذْتُ حَرْبَتِي وَشُغِلَ الْمُسْلِمُونَ عَنِّي وَعَنْهُ بِالْهَزِيمَةِ وَجَاءَتْ هِنْدٌ فَأَمَرَتْ بِشَقِّ بَطْنِهِ وَقَطْعِ كَبِدِهِ وَالتَّمْثِيلِ بِهِ فَجَذَعُوا أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ.
أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَلَمْ يُسَمِّ قَائِلاً
وَلَا عَارٌ لِلْأَشْرَافِ إِنْ ظَفِرَتْ بِهَا |
|
كِلَابُ الْأَعَادِي مِنْ فَصِيحٍ وَأَعْجَمَ |
فَحَرْبَةُ وَحْشِيٍّ سَقَتْ حَمْزَةَ الرَّدَى |
|
وَحَتَفَ عَلِيٌّ مِنْ حُسَامِ ابْنِ مُلْجَمٍ (٣) |
هَذَا وَرَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم مَشْغُولٌ عَنْهُ لَا يَعْلَمُ حَالَهُ.
قَالَ الرَّاوِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ ـ قُلْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه وسلم حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا عَلِيٌّ وَأَبُو دُجَانَةَ وَسَهْلٌ قَالَ انْهَزَمَ النَّاسُ إِلَّا عَلِيٌّ وَحْدَهُ وَثَابَ إِلَى رَسُولِ اللهِ نَفَرٌ كَانَ أَوَّلَهُمْ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو دُجَانَةَ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَلَحِقَهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ـ فَقُلْتُ لَهُ فَأَيْنَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَالَ كَانَا فِيمَنْ تَنَحَّى فَقُلْتُ فَأَيْنَ كَانَ عُثْمَانُ قَالَ جَاءَ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْوَقْعَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه وسلم لَقَدْ ذَهَبْتَ فِيهَا عَرِيضَةً (٤) قُلْتُ فَأَيْنَ كُنْتَ أَنْتَ قَالَ فِيمَنْ تَنَحَّى قُلْتُ فَمَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا
________________
(١) ثاب ثوبا : رجع بعد الذهاب.
(٢) الاربية ـ بالضم والتشديد ـ : أصل الفخذ فهما اربتيان (ه. م)
(٣) الردى : الهلاكة. والحتف : الموت.
(٤) قال الجزريّ : وفي حديث أحد قال للمنهزمين لقد ذهبتم فيها عريضة اي واسعة.