وعن ابن عباس (١) وقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما على أصحاب الصفّة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم ، فقال أبشروا يا أصحاب الصفّة فمن بقي من أمّتي على النعت الّذي أنتم عليه راضيا بما فيه ، فإنّهم من رفقائي.
ويستفاد من هذا الحديث أنّ التشبّه بهم في تلك الصفات مندوب إليه ، وظاهر الآية دالّ عليه ، فانّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وقد يستفاد منها استحباب إعطاء أهل التعفّف والتجمّل إذا كانوا مستحقين لها ، وفي الأخبار دلالة على ذلك أيضا وأنّه لا كراهية في أخذ الزكاة وترك التكسّب مع الاشتغال بالعبادة ، وسيّما طلب العلوم الدينيّة وتشييد معالم الدين ، وخصوصا في هذا الزمان ، فإنّه من أعظم الجهاد ، وحبس النفس لأجله أعظم من حبسها هناك.
ثمّ أكّد سبحانه الحثّ على الإنفاق بقوله (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) ترغيب على الإنفاق في وجوه البرّ خصوصا على الموصوفين بالصفات المذكورة أى أنّه تعالى يجازي عليه من غير أن يضيع عليكم شيء لكونه عليما به.
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ ، بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) أي يعمون الأوقات والأحوال بإنفاق أموالهم ، وأكثر المفسّرين من العامّة وكلّ الخاصّة على أنّها نزلت في علىّ عليهالسلام (٢) كانت معه أربعة دراهم ، فتصدّق بواحد نهارا وبواحد ليلا ، وبواحد
__________________
(١) رواه في كنز العرفان ج ١ ص ٢٤٣ وأخرجه في كنز العمال ج ٦ ص ٢٦١ بالرقم ١٩٩٧ عن الخطيب عن ابن عباس وقريب منه في تفسير الإمام الرازي ج ٧ ص ٨٥ الطبعة الأخيرة.
(٢) وقد روى السيد البحراني قدسسره في غاية المرام الباب السابع والأربعين والباب الثامن والأربعين اثنى عشر حديثا من طريق العامة وأربعة أحاديث من طريق الخاصة ص ٣٤٧ وص ٣٤٨ وانظر أيضا تفسير البرهان ج ١ ص ٢٥٧ ونور الثقلين ص ٢٤١ وسائر تفاسير الشيعة.
وانظر من كتب أهل السنة اسد الغابة ج ٤ ص ٢٥ والرياض النضرة ج ٢ ص ٢٧٣ ونور الابصار للشبلنجى ص ٧٨ وأسباب النزول للواحدي ص ٥٠ ولباب النقول ص ٤٢ والدر ـ