كذلك والله العبادة في السرّ أفضل منها في العلانية ونحو ذلك من الأخبار (١).
ومقتضى [ذلك] العموم أنّ إخفاء الصدقة واجبة أو مستحبّة أفضل من إظهارها والأكثر أنّ ذلك في صدقة التطوّع ، أمّا الواجبة فإظهارها أفضل من إخفائها.
ويؤيّده ما روي عن عليّ بن إبراهيم (٢) عن الصادق عليهالسلام قال : الزكاة المفروضة تخرج علانية ، وتدفع علانية ، وغير الزكاة إن دفعها سرّا فهو أفضل.
وروى عن ابن عبّاس (٣) أنّ صدقة السرّ في التطوّع تفضل على علانيتها سبعين ضعفا وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرّها بخمسة وعشرين ضعفا.
وفي رواية ابن بكير عن رجل (٤) عن الباقر عليهالسلام في قول الله عزوجل (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) قال يعني الزكاة المفروضة ، قال قلت (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ) قال يعني النافلة إنّهم كانوا يستحبّون إظهار الفرائض وكتمان النوافل ونحوها من الأخبار.
فإن ثبت صحّة ذلك وما ورد في معناه خصّصت الآية بها ، وإلّا فهي على عمومها وكيف كان فلو تعلّق بالإظهار فضيلة خاصّة به كتحريض الغير على فعل الصدقة أو اتّهم بترك الزكاة الواجبة ، فإنّ الإظهار أفضل ، ويمكن حمل إطلاق الأخبار عليه ، فيقلّ التخصيص في الآية.
__________________
(١) زاد في سن : ولأن الإخفاء أبعد من الرياء والسمعة ، ولأن في الإظهار هتك عرض الفقير ، وربما لا يرضى بذلك.
(٢) المجمع ج ١ ص ٣٨٤ وزبدة البيان ص ١٩٢ ورواه في الكافي ج ١ ص ١٤١ والتهذيب ج ٤ ص ١٠٤ بالرقم ٢٩٨ وتفاوت ألفاظ الحديث في المصادر التي سردناه يسير.
(٣) أخرجه في الدر المنثور ج ١ ص ٣٥٣ عن ابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وبعده وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها.
(٤) الكافي ج ١ ص ١٧٩ باب النوادر آخر كتاب الزكاة.