(وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) وإعطاء الأقارب ما يحتاجون إليه المعبّر عنه بصلة الرّحم وهو تخصيص بعد تعميم للاهتمام بل الإحسان أيضا كذلك ، وعلى هذا فهو عامّ في جميع الخلق ، ويحتمل أن يكون أمرا بصلة قرابة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم المشار إليها في قوله (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) وهو المرويّ عن أبى جعفر عليهالسلام قال نحن هم (١).
(وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) الإفراط في متابعة القوّة الشهوانيّة كالزّنا فإنّه قبيح بل هو أقبح أحوال الإنسان وأشنعها (وَالْمُنْكَرِ) ما ينكر على صاحبه من جميع المعاصي ، فهو تعميم بعد تخصيص (وَالْبَغْيِ) الاستعلاء على النّاس ، والتجبّر والتكبّر المحرّم ، بل بمنزلة الكفر ، والجمع بين الأوصاف الثلاثة في النّهي مع أنّ الكلّ منكر فاحش ليتبين بذلك تفصيل ما نهي عنه لأنّ الفحشاء قد يكون ما يفعله الإنسان في نفسه ممّا لا يظهر أمره ويعظم قبحه ، والمنكر ما يظهر للنّاس ممّا يجب عليهم إنكاره والبغي ما يتطاول به من الظّلم لغيره ، وقيل : العدل استواء السّريرة والعلانية والإحسان كون السريرة أحسن من العلانية ، والمنكر أن يكون العلانية أحسن من السريرة.
(يَعِظُكُمْ) بما تضمّنت هذه الآية من مكارم الأخلاق (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) لكي تتّعظوا وتتذكّروا ، فترجعون إلى الحقّ وتعملون به ، وعن ابن مسعود هي أجمع آية في كتاب الله للخير والشرّ وصارت سببا لحسن إسلام عثمان بن مظعون.
قال في الكشّاف (٢) وحين أسقطت من الخطب لعنة الملاعين على أمير المؤمنين عليهالسلام أقيمت هذه الآية مقامها ، ولعمري إنّها كانت فاحشة ومنكرا وبغيا ضاعف الله لمن سنّها غضبا ونكالا وخزيا ، إجابة لدعوة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم «وعاد من عاداه».
قال المحشّي يريد بلعنة الملاعين من لعن عليّا عليهالسلام من بنى أميّة وبنى مروان والّذي أسقطه عمر بن عبد العزيز ، والّذي سنّ ذلك معاوية لعنه الله انتهى.
__________________
(١) المجمع ج ٣ ص ٣٨٠ ، والآية في الشورى : ٢٣.
(٢) انظر الكشاف ج ٢ ص ٦٢٩ ط دار الكتاب العربي وج ٢ ص ٢١٥ ط مصطفى البابى الحلبي ١٣٦٧ عند تفسير الآية.