واختاره بعض علمائنا فجوّز الأمرين ، ومن عيّن كونه ببقيّة البلل فقد استفاده من النصوص المعتبرة الإسناد الدالة عليه وهو يوجب تقييد إطلاق الآية ، ولا ينافي ذلك ورود بعض الأخبار بجواز المسح بالماء الجديد لأنّ ذلك محمول على التقيّة أو الضرورة كما يعلم من محلّه. أمّا تقدير المسح بثلاث أصابع كما هو اختيار المرتضى ، وجماعة من الأصحاب فلا دليل عليه بل إطلاق الآية يدفعه ، ويزيده توضيحا ما في صحيحة
__________________
ـ في صحيح مسلم بشرح النووي ج ٣ ص ١٧٣ وفي سنن البيهقي ج ١ ص ٥٨ وفي ص ٦٠ و ٦١ منه أحاديث تدل على أنه صلىاللهعليهوآله يدخل يده تحت العمامة ويمسح مقدم رأسه ، ونظائر هذا المضمون ، وعلى أى ففي بداية المجتهد ج ١ ص ١٣ بعد نقل منع مالك والشافعي وأبى حنيفة عن المسح على العمامة ، وأجازه أحمد بن حنبل وأبى ثور والقاسم بن سلام ، ونقل حديث مسلم ، وقال فيه أبو عمرو بن عبد البر : إنه حديث معلول ، وفي بعض طرقه أنه مسح على العمامة ولم يذكر الناصية.
أقول : وكفى في ضعف الحديث كون المغيرة بن شعبة في طريقه فإنه وإن كان من الصحابة وأهل السنة لا يجترئون على احتمال الكذب على الصحابي ويقولون بعدالة كل الصحابة إلا أنا قد أشبعنا البحث في ذلك في تعليقنا على كنز العرفان ج ٢ ص ١٦٦ فلا نعيد الكلام في ذلك ولا شك في أن الصحابة كانوا يترامون ويتقاذفون يرمى بعضهم بعضا بالكفر والزندقة ، ويقذف بعضهم بعضا بالكذب يشهد بذلك ملاحظة كتب أخبارهم واعترف بذلك أحمد أمين أيضا في فجر الإسلام ص ٢١٦ الطبعة التاسعة وسرد موارد مما كذب بعضهم بعضا ، وسرد موارد منها أيضا الأستاذ محمود أبو رية في كتابه الأضواء على السنة المحمدية انظر ص ٧٠ إلى ٧٢ و ٢٧٩ إلى ص ٣٠٦ الطبعة الثانية ، وسرد أيضا موارد منها أيضا البياضي في الصراط المستقيم ج ٣ من ص ٢٣٧ إلى ٢٤٠ وسرد موارد أيضا ابن أبى الحديد في شرحه على نهج البلاغة ج ٢٠ من ص ١٩ إلى ٣٠ وفيه بعد ذلك من أراد أن ينظر إلى اختلاف الصحابة وطعن بعضهم على بعض فلينظر في كتاب النظام فأهل السنة في ذلك أتم مصداق للمثل المعروف بالفارسية (كاسه گرم تر از آش) والعجب من تعديلهم الصحابة وعد إجازتهم عليهم الخطاء ، وإجازة كثير منهم المعاصي على الأنبياء والحاصل أن الصحابي أيضا كغيره لا يكتفى في قبول قوله بمجرد كون الراوي ـ