(وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وقيل : إنّ المراد من شهد منكم هلال شهر رمضان فليصمه على أنّه مفعول به ، ومن كان مريضا الآية مخصوص له لأنّ المسافر والمريض ممّن شهد الشهر لم يجب عليهما الصوم وفيه بعد عن الظاهر ومن ثمّ نفاه صاحب الكشّاف كما أشرنا إليه والتفصيل بين الحكمين شاهد صدق على أنّ فرض المسافر والمريض الإفطار والقضاء ليس إلّا على ما أسلفناه. إذا لتفصيل قاطع للشركة فلا يجزى الصوم للمسافر لكونه مأمورا بخلافه ، وتكرير هذا الحكم أعنى وجوب القضاء عليهما يدلّ على كمال الاعتناء به وأنّه لا ينبغي أن يقع فيه تغيير ولا تبديل وهو ظاهر في كونه عزيمة لا يجوز تركه ، ويؤيّده.
(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) أي يريد أن ييسر عليكم في أحكامكم ، وظاهر أنّ ارادة الشيء يستلزم عدم إرادة ضدّه بل هي عينها فيكون العسر غير مراد فقوله :
(وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) مؤكّد له والمراد أنّه تعالى أحبّ إليكم إذا كنتم مسافرين أو مرضى الإفطار والقضاء في عدّة أيّام أخر فاللازم عليكم اتّباع ذلك ، وتجاوز الأمر ، واستدلّ بعضهم بالآية على عدم جواز السفر في شهر رمضان لأنّه تعالى حكم على من كان حاضرا في الشهر بوجوب الصيام ، ومن كان مسافرا أو مريضا بوجوب القضاء وهو يقتضي عدم جواز السفر للحاضر ، وإليه ذهب أبو الصلاح فحرّم السفر اختيارا.
ويؤيّده رواية أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام (١) عن الخروج إذا دخل شهر رمضان فقال : لا إلّا فيما أخبرك به خروجا إلى مكّة أو غزوا في سبيل الله أو مالا تخاف هلاكه أو أخا تخاف هلاكه وقال : إنّه ليس أخ من الأب والامّ.
والجواب أنّ الظاهر من الآية أنّ من حضر جميع الشهر وجب عليه صيامه أجمع ، ومن حضر في بعضه يجب عليه صيام ذلك البعض ، وبالجملة الواجب صيام الزمان
__________________
(١) انظر التهذيب ج ٤ ص ٣٢٧ الرقم ١٠١٨ والفقيه ج ٢ ص ٨٩ الرقم ٣٩٨ والكافي ج ١ ص ١٩٧ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٣١ واللفظ في الكافي أو أخ تريد وداعه مكان تخاف هلاكه.