وإنّ المراد بالغسل ما يتناوله اسمه حقيقة من غير اعتبار العادة ، ويجاب بأنّ الأخبار المطلقة محمولة على كون الغسل فيها مقيّدا بالماء إمّا لسبقه إلى الذهن عند الإطلاق كما يسبق عند إطلاق الأمر بالسقي ، وإمّا لورود أخبار عديدة مشتملة على تقييد الغسل بالماء لقول الصادق عليهالسلام في صحيحة محمّد الحلبي (١) : فإذا وجد الماء غسّله ، ونحوها والمطلق يحمل على المقيّد ، ومقتضى الآية وجوب طهارة الثياب على الإطلاق لكنّه مقيّد بوقت الصلاة ونحوها للإجماع على أنّ طهارة الثياب غير واجبة في نفسه بل للصلاة ونحوها ممّا يشترط فيه الطهارة ، وفيها دلالة أيضا على أنّ صدق التطهير كاف في حصول الطهارة من غير احتياج إلى عصر أو ورود ماء أو عدد إلّا ما أخرجه الدليل من الإجماع ونحوه إلّا أن يقال : لا يصدق التطهير بدون ذلك ، وفيه بعد ، وتفاصيل ذلك تعلم من الفروع. وقيل إنّ المراد بتقصيرها ومخالفة العرب في تطويلهم الثياب وجرّهم ذيولها. قال الزجاج : تقصير الثياب أبعد من النجاسة فإنّه إذا جرّ على الأرض لا يؤمن أن يصيبه ما ينجسه ، وهو أوّل ما أمر به من رفض العادات المذمومة.
ويمكن فهم وجوب الطهارة منها أيضا لأنّها هي المقصودة من التقصير فإنّ الغرض منه عدم إصابة النجاسة ذيولها ، وفي رواية أبي بصير عن الصادق عليهالسلام تشمير الثياب طهورها (٢) قال الله تعالى (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) أي فشمّر ، وقيل : إنّ المراد بالثياب : النفس أي طهّر نفسك ممّا يستقذر من الأفعال ويستهجن من العادات ، وعليه جرى قول الشاعر :
__________________
(١) رواه في التهذيب ج ١ ص ٢٧١ الرقم ٧٩٩ والاستبصار ج ١ ص ١٨٧ الرقم ٦٥٥ والفقيه ج ١ ص ٤٠ الرقم ١٥٥ وهو في الوسائل في الباب ٤٥ من أبواب النجاسات الحديث الأول ص ٢٠٣ ج ١ ط أمير بهادر.
(٢) انظر الروايات في أن معنى التطهير تشمير الثياب في البرهان ج ٤ ص ٣٩٩ و ٤٠٠ والكافي الباب ١٤ من كتاب الزي والتجمل وهو في مرآت العقول ج ٤ ص ١٠٥ و ١٠٦ وفي المرآة رواية أبي بصير عن الصادق (ع) عن أمير المؤمنين أن تشمير الثياب طهور لها ، وقد قال الله ، وثيابك فطهر : أى فشمر ، وهو في الوسائل الباب ٢٢ من أبواب أحكام الملابس الحديث التاسع ص ٢٨٢ ج ١ ط أمير بهادر.