دولة ، وجعل الكينونة بمعنى الوقوع وحينئذ لا خبر له والدولة اسم للشيء الذي يتداوله القوم بينهم ، (بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) ، يعني بين الرؤساء والأقوياء. [معناه كيلا يكون الفيء دولة بين الأغنياء والأقوياء](١) فيغلبوا عليه الفقراء والضعفاء ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا اغتنموا غنيمة أخذ الرئيس ربعها لنفسه ، وهو المرباع ، ثم يصطفى منها بعد المرباع ما شاء ، فجعله الله لرسوله صلىاللهعليهوسلم يقسمه فيما أمر به ، ثم قال : (وَما آتاكُمُ) ، أعطاكم ، (الرَّسُولُ) ، من الفيء والغنيمة ، (فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) ، من الغلول وغيره ، (فَانْتَهُوا) ، وهذا نازل في أموال الفيء ، وهو عام في كل ما أمر به النبي صلىاللهعليهوسلم ونهى عنه.
[٢١٦٢] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل [حدثنا محمد بن يوسف](٢) ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت فقالت : إنه بلغني أنك [قد](٣) لعنت كيت وكيت ، فقال : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في كتاب الله تعالى ، فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ، قال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)؟ قالت : بلى ، قال : فإنه قد نهى عنه.
(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ، ثم بين من له الحق في الفيء فقال :
(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨))
(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً) رزقا (مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) ، أي أخرجوا إلى دار الهجرة طلبا لرضا الله عزوجل ، (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) ، في إيمانهم. قال قتادة : هؤلاء المهاجرون الذين تركوا الديار والأموال والعشائر وخرجوا حبا لله ولرسوله ، واختاروا الإسلام على ما كانوا فيه من شدة ، حتى ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ما له دثار غيرها.
__________________
[٢١٦٢] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ منصور هو ابن المعتمر ، إبراهيم هو ابن يزيد النخعي ، علقمة بن الأسود.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٠٨٤ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٨٨٦ عن محمد بن يوسف بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري ٤٨٨٧ و ٥٩٤٣ و ٥٩٤٨ ومسلم ٢١٢٥ والنسائي ٨ / ١٤٦ وابن ماجه ١٩٨٩ وأحمد ١ / ٤٣٣ ـ ٤٣٤ و ٤٤٣ والحميدي ٩٧ وابن حبان ٥٥٠٤ والدارمي ٢ / ٢٧٩ من طرق عن سفيان به.
ـ وأخرجه البخاري ٥٩٣١ و ٥٩٣٩ ومسلم ٢١٢٥ وأبو داود ٤١٦٩ وابن حبان ٥٥٠٥ والبيهقي ٧ / ٣١٢ من طرق عن جرير عن منصور به.
ـ وأخرجه مسلم ٢١٢٥ والترمذي ٢٧٨٢ والنسائي ٨ / ١٨٨ وأحمد ١ / ٤٦٥ من طرق عن منصور به.
ـ وأخرجه مسلم ٢١٢٥ والنسائي ٨ / ١٨٨ وأحمد ١ / ٤٥٤ من طريق الأعمش عن إبراهيم به.
ـ وأخرجه النسائي ٦ / ١٤٩ و ٨ / ١٤٦ وأحمد ١ / ٤٦٢ و ٤٤٨ من طريقين عن ابن مسعود به.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) زيادة عن المطبوع.