ضرب من النخل يقال لثمرها اللون ، وهو شديد الصفرة يرى نواه من خارج يغيب فيها الضرس ، وكان من أجود تمرهم وأعجبها إليهم ، وكانت النخلة الواحدة منها ثمنها ثمن وصيف ، وأحب إليهم من وصيف ، فلما رأوهم يقطعونها شق ذلك عليهم وقالوا للمؤمنين إنكم تكرهون الفساد في الأرض وأنتم تفسدون دعوا هذا النخل قائما هو لمن غلب عليه ، فأخبر الله تعالى أن ذلك بإذنه.
(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦))
(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) ، أي رده على رسوله ، يقال يفيء أي رجع وأفاء الله ، (مِنْهُمْ) أي من يهود بني النضير ، (فَما أَوْجَفْتُمْ) أوضعتم ، (عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) ، يقال : وجف الفرس والبعير يجف وجيفا وهو سرعة السير ، وأوجفه صاحبه إذا حمله على السير ، وأراد بالركاب الإبل التي تحمل القوم. وذلك أن بني النضير لما تركوا رباعهم وضياعهم طلب المسلمون من رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يقسمها بينهم ، كما فعل بغنائم خيبر ، فبين الله تعالى في هذه الآية أنها فيء لم يوجف المسلمون عليها خيلا ولا ركابا ولم يقطعوا إليها شقة. [ولا نالوا مشقة](١) ولم يلقوا حربا ، (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، فجعل أموال بني النضير لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصة يضعها حيث يشاء ، فقسمها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة وهم أبو دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة.
[٢١٦١] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد] المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النضري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعاه إذ جاءه حاجبه يرفأ ، فقال : هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون؟ قال : نعم ، فأدخلهم فلبث يرفأ قليلا ثم جاء فقال : هل لك في عباس وعلي يستأذنان؟ قال : نعم ، فلما دخلا قال (٢) عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا وهما يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله من بني النضير ، فقال الرهط : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر.
قال : اتئدوا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا
__________________
[٢١٦١] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ أبو اليمان هو الحكم بن نافع ، شعيب هو ابن دينار ، الزهري هو محمد بن مسلم.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٠٣٣ عن أبي اليمان بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البيهقي ٦ / ٢٩٨ ـ ٢٩٩ من طريق أبي اليمان به.
ـ وأخرجه البخاري ٥٣٥٨ و ٦٧٢٨ و ٧٣٠٥ من طريق الليث عن عقيل عن الزهري به.
ـ وأخرجه البخاري ٣٠٩٤ ومسلم ١٧٥٧ ح ٤٩ وأبو داود ٢٩٦٣ والترمذي ١٦١٠ وأبو يعلى ٢ و ٣ والبيهقي ٦ / ٢٩٧ والبغوي في «شرح السنة» ٢٧٣٢ من طرق عن مالك عن الزهري به.
ـ وأخرجه مسلم ١٧٥٧ ح ٥٠ وعبد الرزاق ٩٧٧٢ وأحمد ١ / ٤٧ و ٦٠ وابن حبان ٦٦٠٨ والبيهقي ٦ / ٢٩٨ من طريق معمر عن الزهري به.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) زيد في المطبوع «ابن» وهو خطأ.