.................................................................................................
______________________________________________________
عن الأدلّة حتّى يصير عالما بالحكم ، أو لم يحتط في أفعاله كي لا يقع في الخطأ فيها ، أو مع عدم تقصير منه في ذلك. وتعميم الخبر للصورة الاولى بعيد في الغاية وفضيح إلى النهاية. وكذلك للصورة الثانية ، لأنّ قبح المؤاخذة في صورة عدم التقصير عقلي ، ويبعد بل لا يصحّ حمل الخبر الوارد في مقام المنّة على صورة يستقلّ بحكمها العقل.
وعلى كلّ تقدير فحمل الخبر على بيان رفع مؤاخذة الأحكام غير صحيح ، فلا بدّ من حمله على بيان رفع المؤاخذة على الموضوعات المشتبهة. فإذا أكل مال الغير مثلا خطأ أو نسيانا أو إكراها أو اضطرارا أو جهالة أو لأجل عدم الطاقة للاستنكاف عنه لبعض الأسباب الخارجة ، فالخبر يدلّ على رفع المؤاخذة عنه على ذلك ، ولا محذور فيه ، لعدم وجوب التحفّظ والاحتياط وتحصيل العلم في الموضوعات الخارجة المشتبهة ، حتّى يقال إنّه مع التقصير فالتكليف باق ، ومع عدمه فارتفاعه عقلي لا يناسب مقام المنّة.
قلت : إنّ اعتبار بذل الجهد في مقدّمات الاجتهاد بحيث لا يقع منه تقصير فيها أصلا عقلا يسدّ باب الاجتهاد ، لأنّ من زاول علم النحو مثلا بالتعليم والتعلّم ، واستمرّ عليه في أغلب أيّامه ، وغار في مسائله وأتقنها وأحكمها بما وصل إليه جهده ووسعه ، وبعد ذلك إذا أراد العود إلى ذلك ثانيا بتكرير النظر والبحث مع المتبحّرين في هذا العلم ، ينكشف عنه حجب العلم ، ويزداد علمه في كلّ آن ونظر ، إذ فوق كلّ ذي علم عليم.
والحاصل : أنّ العلوم ليست ممّا يقف على حدّ يمكن تحصيله ، فلو قلنا بوجوب تحصيل علم النحو والمنطق والاصول وغيرها من مقدّمات الفقه بحيث لا يعدّ مقصّرا فيها عقلا ، فلا بدّ أن نطوي ورقة الاجتهاد ، لكون تحصيلها على هذا النحو خارجا من الوسع والطاقة ، فلا بدّ له من حدّ مضبوط لئلّا يلزم تعطيل الحدود والأحكام. فالأولى حينئذ أن يقال : إنّ الواجب هو تحصيل المقدّمات