منها : ما ورد في الماءين المشتبهين ، خصوصا مع فتوى الأصحاب بلا خلاف بينهم على وجوب الاجتناب عن استعمالهما مطلقا. ومنها : ما ورد في الصلاة في الثوبين المشتبهين. ومنها : ما ورد في وجوب غسل الثوب من الناحية التي يعلم بإصابة بعضها للنجاسة معلّلا بقوله عليهالسلام : «حتّى يكون على يقين من طهارته». فإنّ وجوب تحصيل اليقين بالطهارة ـ على ما يستفاد من التعليل ـ يدلّ على عدم جريان أصالة الطهارة بعد العلم الإجمالي بالنجاسة ، وهو الذي بنينا عليه وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة وعدم جواز الرجوع فيها إلى أصالة الحلّ ؛ فإنّه لو جرت أصالة الطهارة وأصالة حلّ الطهارة والصلاة في بعض المشتبهين ، لم يكن للأحكام المذكورة وجه ، ولا للتعليل في الحكم الأخير بوجوب تحصيل اليقين بالطهارة بعد اليقين بالنجاسة.
ومنها : ما دلّ على بيع الذبائح (١٤٩٩) المختلط ميتتها بمذكّاها من أهل الكتاب ؛ بناء على حملها على ما لا يخالف عمومات حرمة بيع الميتة (*) بأن يقصد بيع المذكّى خاصّة أو مع ما لا تحلّه الحياة من الميتة.
وقد يستأنس له (١٥٠٠) بما ورد من وجوب القرعة في قطيع الغنم المعلوم وجود الموطوء في بعضها ، وهي الرواية المحكيّة في جواب الإمام الجواد عليهالسلام لسؤال
______________________________________________________
١٤٩٩. بتقريب أنّه لو لم يجب الاحتياط في الشبهة المحصورة لجاز بيع الميتة المشتبهة بالمذكّى ممّن لا يستحلّ الميتة أيضا ، لأنّ المانع منه ـ كما تقدّم من المصنّف رحمهالله في الحاشية السابقة ـ هو عدم جواز الانتفاع بها ، وهو حاصل على القول بالتخيير.
١٥٠٠. أي : لما يستفاد من أخبار كثيرة. ووجه الاستئناس ما سيشير إليه بقوله : «نعم هي دالّة ...». ووجه الدلالة : أنّه لو لم يجب الاحتياط ، وجاز التخيير فيما نحن فيه مع قطع النظر عن القرعة ، لم يحتج إلى إخراج مقدار الحرام بالقرعة التي هي طريق لتشخيص الحرام عن الحلال.
__________________
(*) في بعض النسخ : المشتبه.