لنا على ما ذكرنا (١٤٧٦) أنّه إذا ثبت كون أدلّة تحريم المحرّمات شاملة للمعلوم إجمالا ولم يكن هنا مانع عقلي أو شرعيّ من تنجّز التكليف به ، لزم بحكم العقل التحرّز عن ارتكاب ذلك المحرّم بالاجتناب عن كلا المشتبهين.
وبعبارة اخرى : التكليف بذلك المعلوم إجمالا إن لم يكن ثابتا جازت المخالفة القطعيّة ، والمفروض في هذا المقام التسالم على حرمتها ، وإن كان ثابتا وجب الاحتياط فيه بحكم العقل ؛ إذ يحتمل أن يكون ما يرتكبه من المشتبهين هو الحرام الواقعي ، فيعاقب عليه ؛ لأنّ المفروض لمّا كان ثبوت التكليف بذلك المحرّم لم يقبح
______________________________________________________
القطعيّة ـ كصاحب المدارك وغيره ـ ذلك إلى أصحابنا. ويؤيّدها تصريح الفاضل التوني في مبحث المقدّمة بخروج المقدّمات العلميّة من محلّ النزاع ، ولا ريب في شمولها للشبهات التحريميّة المشوبة بالعلم الإجمالي. ويؤيّدها أيضا فتواهم بلا خلاف بوجوب غسل مقدار من الرأس والعضد مقدّمة لغسل الوجه واليد ، وبوجوب الإمساك قبل الطلوع بمقدار يحصل به القطع بتحقّق الإمساك من أوّل الفجر ، لأنّ هذه وإن كانت مقدّمة علميّة للواجب ، إلّا أنّه لا فرق بينها وبين المقدّمة لترك الحرام كما هو واضح.
ولكنّك خبير بأنّ دعوى الإجماع بمجرّد ذلك مشكلة. نعم ، هذا القول مشهور إلى زمان المقدّس الأردبيلي ، بل لم يوجد فيه مخالف إلى زمانه سوى ما حكي عن بعضهم القول بالقرعة ، وهو مع جهالة قائله غير مناف للقول بوجوب الاحتياط من باب القاعدة ، كما هو واضح ولو تمّ الإجماع المذكور لكفى في إثبات المسألة ، إذ لا ريب في اعتبار الإجماع المنقول المعتضد بالشهرة المحقّقة ، سيّما في الشبهة المحصورة التي هي من المسائل الفرعيّة.
١٤٧٦. حاصله : دعوى وجود المقتضي وعدم المانع. أمّا الأوّل فهو حاصل من إحراز المقدّمتين ، إحداهما : شمول الخطابات الواقعيّة للمعلوم الإجمالي ، وهي مبنيّة على كون الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعيّة ، وغير منصرفة مطلقا أو في خبر