ثمّ على تقدير وجوب الأخذ ، هل يتعيّن الأخذ بالحرمة أو يتخيّر بينه وبين الأخذ بالوجوب؟ وجهان ، بل قولان : يستدلّ على الأوّل (١٤١٩) ـ بعد قاعدة الاحتياط ؛ حيث يدور الأمر (١٤٢٠) بين التخيير والتعيين ـ : بظاهر ما دلّ على وجوب التوقّف عند الشبهة ؛ فإنّ الظاهر من التوقّف ترك الدخول في الشبهة ، وبأنّ دفع المفسدة (١٤٢١) أولى من جلب المنفعة ؛ لما عن النهاية من : أنّ الغالب في الحرمة دفع مفسدة ملازمة للفعل وفي الوجوب تحصيل مصلحة لازمة للفعل ، واهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفسدة أتمّ.
ويشهد له ما ارسل عن أمير المؤمنين عليهالسلام : من أنّ «اجتناب السيّئات أولى من اكتساب الحسنات» (١) ، وقوله عليهالسلام : «أفضل من اكتساب الحسنات اجتناب السيّئات». ولأنّ إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتمّ من إفضاء الوجوب إلى مقصوده ؛ لأنّ مقصود الحرمة يتأتّى بالترك سواء كان مع قصد أم غفلة ، بخلاف فعل الواجب ، انتهى.
______________________________________________________
التخيير ، فتدبّر. والله العالم بأحكامه.
١٤١٩. ربّما يستدلّ عليه بالإجماع المحكيّ عن النهاية. وفيه : أنّه لا اعتداد به بعد العلم بمستند المجمعين ، وهو الوجوه الاعتباريّة المضعّفة في المتن ، لأنّ غايته الظنّ ، ولا اعتداد به. لا يقال : إنّ العمل بالظنّ في باب الترجيح إجماعي. لأنّا نقول : إنّ الإجماع إنّما هو في تعارض الأخبار ، لا في تعارض الاحتمالين كما فيما نحن فيه. اللهمّ إلّا أن يتمسّك بقبح ترجيح المرجوح بعد عدم إمكان الاحتياط ، وحينئذ لا بدّ من منع إفادته للظنّ.
١٤٢٠. قد مرّ غير مرّة انحصار القول في هذه المسألة في ترجيح جانب الحرمة والتخيير ، فيكون الأوّل متيقّنا.
١٤٢١. لا يقال : لو وجب دفع المفسدة وجب ترجيح جانب الحرمة ابتداء ، ولم يحتج إلى إثبات وجوب الأخذ بأحد الاحتمالين. لأنّا نقول : لعلّ المستدلّ قد اعتبر وجوب الدفع في مقام الترجيح دون الإثبات ، وقد يعتبر في مقام الترجيح ما لا يعتبر في غيره ، فتأمّل.