إلّا عدم المؤاخذة على الترك أو الفعل وعدم تعيين الحرمة أو الوجوب ، وهذا المقدار لا ينافي وجوب الأخذ بأحدهما مخيّرا فيه. نعم ، هذا الوجوب يحتاج إلى دليل وهو مفقود ؛ فاللازم هو التوقّف وعدم الالتزام إلّا بالحكم الواقعي على ما هو عليه في الواقع ، ولا دليل على عدم جواز خلوّ الواقعة عن حكم ظاهري إذا لم يحتج إليه في العمل ، نظير ما لو دار الأمر بين الوجوب والاستحباب.
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : «الناس في سعة ما لم يعلموا» وقوله عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» وفي حكمه دليل العقل ، ظاهر في مجرّد نفي العقاب على الفعل أو الترك ، وعدم تعيّن خصوص أحدهما عليه ، وهو أعمّ من الإباحة الظاهريّة ، وغير مناف لوجوب الأخذ بأحدهما. نعم ، هذا الوجوب أيضا لا دليل عليه ، فالمتيقّن من الأدلّة هو التوقّف عن الحكم الواقعي ، والالتزام به على ما هو عليه في الواقع ، وعدم الالتزام بشيء في مقام الظاهر ، وإن لم يكن حرج في الفعل أو الترك في مقام العمل. ومن هنا يظهر قوّة القول الثاني ودليله.
فإن قلت : كيف لا تلتزم في مقام الظاهر بحكم ظاهري ، وقد تواترت الأخبار على عدم خلوّ واقعة من حكم حتّى أرش الخدش؟
قلت : المسلّم عدم خلوّ الواقعة من حكم واقعي لا من حكم ظاهري أيضا ، لعدم الدليل عليه ، إذا لم يحتج إليه في مقام العمل ، ولذا نقول بعدم الوجوب مع عدم الحكم بالاستحباب فيما دار الأمر بينهما ، نظرا إلى عدم كون نفي الوجوب بالأصل مثبتا للاستحباب. وقد يمنع عدم الدليل على الوجوب المذكور ، نظرا إلى بناء العقلاء على الالتزام بأحد الاحتمالين فيما دار الأمر فيه بين المحذورين كما فيما نحن فيه ، لكون ذلك نحو امتثال للحكم المعلوم إجمالا عندهم ، ولا ريب في كون طريق امتثال الأحكام وكيفيّة امتثالها موكولة إليهم. وهو غير بعيد بعد ما عرفت في الحاشية السابقة من عدم ظهور قول بجواز المخالفة الالتزاميّة ، سيّما في هذه المسألة التي قد تقدّم غير مرّة انحصار القول فيها في تقديم جانب الحرمة و