وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي
أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) ، وما ورد من أنّ : «من
رضي بفعل فقد لزمه وإن لم يفعل»
، وقوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها
لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) . ويمكن حمل الأخبار
الأول على من ارتدع عن قصده بنفسه ، وحمل الأخبار الأخيرة على من بقي على قصده
حتّى عجز عن الفعل لا باختياره. أو يحمل الأول على من اكتفى بمجرّد القصد ،
والثانية على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدّمات ؛ كما يشهد له حرمة الإعانة على
المحرّم ، حيث عمّمه بعض الأساطين لإعانة نفسه على الحرام ؛ ولعلّه لتنقيح المناط
، لا بالدلالة اللفظية.
______________________________________________________
الإرادة في القبح
أو مساوية لها ، مضافا إلى أنّ الظاهر منها التهديد والإيعاد على غيبة المؤمنين ،
ولذا فسّرت الآية بإشاعة الفاحشة باللسان بنسبتها إليهم. وحاصل المعنى هو التهديد
على تشييع الفاحشة قصدا إليها ومحبّة لها كما ذكره الشيخ الطريحي ، وتؤيّده ملاحظة
مورد الآية والآيات السابقة عليها ، لا على مجرّد قصد الإشاعة أو محبّتها ، كما
يظهر من المحكيّ عن أبي علي حيث قال ـ على ما نقله عنه الطريحي ـ : وفي الآية
دلالة على أنّ العزم على الفسق فسق.
وأمّا الثانية
فلوروده في مقام بيان المجازاة على ما في القلوب ، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ.
ولا عموم فيه بحسب أفراد المجزيّ عليه ، إذ الموصولة إنّما تفيد العموم مع تضمّن
معنى الشرط لا مطلقا. بل ولا إطلاق أيضا ، لعدم وروده في مقام بيانه كما لا يخفى ،
فيحتمل أن يكون المراد منها مثل الحسد والخطأ في الاعتقاد فيما يتعلّق باصول
العقائد. ومن هنا يظهر ضعف التمسّك بقول الأمير عليهالسلام في نهج البلاغة ـ على ما حكاه عنه الكاشاني في تفسيره ـ : «بما
في الصدور يجازى العباد».
وأمّا الثالثة
فإنّ لزوم الفعل المرضيّ به لمن رضي به كما يحتمل أن يكون المراد منه لزوم حكمه
عليه ، كذلك يحتمل إرادة المبالغة في كراهة الرضا.