تداخل عقابهما (٩). ولم يعلم معنى محصّل (٤٠) لهذا الكلام ؛ إذ مع كون التجرّي عنوانا مستقلا في استحقاق العقاب ، لا وجه للتداخل إن اريد به وحدة العقاب ؛ فإنّه ترجيح بلا مرجّح ، وإن اريد به عقاب زائد على عقاب محض التجرّي ، فهذا ليس تداخلا ؛ لأنّ كلّ فعل اجتمع فيه عنوانان من القبح يزيد عقابه على ما كان فيه أحدهما.
______________________________________________________
هذا بالنسبة إلى ما استظهرناه من عبارة المصنّف ثمّة من دعوى كون عدم المصادفة مانعا من الاستحقاق. وأمّا على ما اخترناه من كون عدم استحقاق غير المصادف لعدم المقتضي للاستحقاق ، لعدم ارتكابه فعلا منهيّا عنه في الواقع ، فوجه الفرق بين المقامين أوضح ، إذ لو قلنا ثمّة بموجب قول الخصم أيضا من عدم مدخليّة الأمر غير الاختياري في الاستحقاق لأمكن منع دليله بمنع المقتضي للاستحقاق ، فلا يهمّنا دعوى المدخليّة أو احتمالها ، بخلاف المقام ، إذ على المفصّل إثبات المدخليّة. وبالجملة ، إنّ منع الدليل السابق على المختار لا يبتني على شيء من إثبات المدخليّة أو عدمها أو احتمالهما ، بخلاف المقام.
٤٠. حاصله : أنّه بعد ما فرضه من كون التجرّي بمخالفة المعتقد عنوانا مستقلّا في استحقاق العقاب في مقابل عنوان مخالفة الواقع ، لا يخلو : إمّا أن يريد من تداخل العقاب وحدة العقاب الذي يستحقّ بإزاء مخالفة واحدة كما هو ظاهر كلامه ، فحينئذ لا يخلو : إمّا أن يكون هذا المقدار من العقاب بإزاء كلّ من العنوانين ، أو أحدهما بعينه ، أو لا بعينه. فالأوّل يستلزم اجتماع علّتين مستقلّتين على أثر واحد ، وهو محال. وعلى الثاني يلزم الترجيح بلا مرجّح. والثالث غير معقول ، مضافا إلى لزوم إلغاء إحدى العلّتين.
وإمّا أن يريد به عقابا زائدا على عقاب محض التجرّي بحسب الكمّ أو الكيف ، فهذا ليس تداخلا أصلا ، لأنّ كلّ فعل اجتمع فيه عنوانان من القبح يزيد عقابه كمّا أو كيفا على ما كان فيه أحدهما ، كأكل النجس المغصوب والإفطار المحرّم في نهار شهر رمضان. وممّا يؤيّد عدم التداخل في العقاب في المقام