فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٣) وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٢٤)
____________________________________
والأعمى سواء (فَمَنْ يَهْدِيهِ) أي يهدي هذا الشخص المتصف بتلك الصفات (مِنْ بَعْدِ اللهِ)؟ وهل هناك هاد إلا هو؟ والمعنى أنه إذا لم يهتد بهداية الله ، فلا هداية عند غيره حتى يمكن أن يهتدي بها (أَفَلا تَذَكَّرُونَ)؟ أصله «تتذكرون» على قاعدة باب «التفعل» والاستفهام إنكاري ، أي لماذا لا تتعظون بهذه المواعظ؟
[٢٥] (وَقالُوا) أي قال المنكرون للبعث (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) أي ليست للبشر حياة إلا هذه الحياة القريبة ، فلا حياة بعد الموت (نَمُوتُ وَنَحْيا) فحياتنا فيها نخرج من بطون الأمهات ، وموتنا هو هذا الذي نشاهده ، والفعلان باعتبار الجنس ، أي نموت نحن ويحيا أولادنا ، وهكذا ، أو المراد كل فرد ، وإنما أخر «نحيا» للتناسب مع «حياتنا الدنيا» في السجع ، وقد تقرر في الأدب أن الواو لا يدل على الترتيب ، قال ابن مالك :
واعطف بواو سابقا أو لاحقا |
|
في الحكم أو مصاحبا موافقا |
(وَما يُهْلِكُنا) ويميتنا (إِلَّا الدَّهْرُ) أي مرور الزمان ، فليس هناك إله يميت (وَما لَهُمْ بِذلِكَ) الذي ذكروه من كون الحياة منحصرة في هذه ، وإن المهلك هو الدهر (مِنْ عِلْمٍ) حتى يقولوا ذلك عن يقين ودراية (إِنْ هُمْ) أي ما هؤلاء القائلين (إِلَّا يَظُنُّونَ) ظنا بذلك ، من التقليد والتخمين ، والتقدير «ما هم إلا ظانون».