(أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ) (٩٩)
(وَلكِنْ كَذَّبُوا) الأنبياء (فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) بكفرهم وسوء كسبهم ، ويجوز أن تكون اللام للجنس.
٩٧ ـ (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى) يريد الكفار منهم (أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا) عذابنا (بَياتاً) ليلا ، أي وقت بيات ، يقال بات بياتا (وَهُمْ نائِمُونَ).
٩٨ ـ (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى) نهارا ، والضحى في الأصل ضوء الشمس إذا أشرقت ، والفاء والواو في أفأمن وأوأمن حرفا عطف دخل عليهما همزة الإنكار ، والمعطوف عليه فأخذناهم بغتة ، وقوله ولو أنّ أهل القرى إلى يكسبون اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه ، وإنما عطفت بالفاء لأنّ المعنى فعلوا وصنعوا فأخذناهم بغتة أبعد ذلك أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا ، وأمنوا أن يأتيهم بأسنا ضحى ، أو أمن شامي وحجازي على العطف بأو ، والمعنى إنكار الأمن من أحد هذين الوجهين ، من إتيان العذاب ليلا أو ضحى ، فإن قلت كيف دخل همزة الاستفهام على حرف العطف وهو ينافي الاستفهام؟ قلت التنافي في المفرد لا في عطف جملة على جملة لأنه على استئناف جملة بعد جملة (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) يشتغلون بما لا يجدي عليهم.
٩٩ ـ (أَفَأَمِنُوا) تكرير لقوله أفأمن أهل القرى (مَكْرَ اللهِ) أخذه العبد من حيث لا يشعر ، وعن الشبلي رحمهالله (١) : مكره بهم تركه إياهم على ما هم عليه ، وقالت ابنة الربيع بن خيثم (٢) لأبيها : مالي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟ قال : يا بنتاه إنّ أباك يخاف البيات ، أراد قوله أن يأتيهم بأسنا بياتا (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا
__________________
(١) الشبلي : هو دلف بن جحدر الشبلي ، أبو بكر ، ناسك اشتهر بالصلاح ، اختلف في اسمه ونسبه ، كان واليا ثم ترك الولاية وعكف على العبادة ، ولد عام ٢٤٧ ه ومات عام ٣٣٤ ه (الأعلام ٢ / ٣٤١) ، وفي (ظ) و (ز) قدس الله روحه العزيز.
(٢) الربيع بن خيثم بن عائذ بن عبد الله بن موهب بن منقد الثوري ، أبو يزيد الكوفي روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم مرسلا ، روى عنه ابنه عبد الله مات بعد قتل الحسين سنة ٦٣ ه وأرخه ابن شافع سنة ٦١ ه (تهذيب التهذيب ٣ / ٢٤٢).