(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) (٥٩)
على حسناته في الدنيا والآخرة والفاجر يعجّل له الخير في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ، وتلا الآية. روي أنّ الملك توّجه (١) وختّمه بخاتمه وردّاه بسيفه ووضع له سريرا من ذهب مكللا بالدرّ والياقوت ، فقال : أمّا السرير فأشدّ به ملكك ، وأما الخاتم فأدبّر به أمرك ، وأمّا التاج فليس من لباسي ولا لباس آبائي ، فجلس على السرير ودانت له الملوك ، وفوّض الملك إليه أمره وعزل قطفير ، ثم مات بعد ، فزوجه الملك امرأته ، فلما دخل عليها قال : أليس هذا خيرا مما طلبت ، فوجدها عذراء (٢) فولدت له ولدين افرايم (٣) وميشا ، وأقام العدل بمصر وأحبته الرجال والنساء وأسلم على يديه الملك وكثير من الناس.
وباع من أهل مصر في سني القحط الطعام بالدراهم والدنانير في السنة الأولى حتى لم يبق معهم شيء منها ، ثم بالحلى والجواهر في الثانية ، ثم بالدواب في الثالثة ، ثم بالعبيد والإماء في الرابعة ، ثم بالدور والعقار في الخامسة ، ثم بأولادهم في السادسة ، ثم برقابهم في السابعة حتى استرقهم جميعا ، ثم أعتق أهل مصر عن آخرهم وردّ عليهم أملاكهم ، وكان لا يبيع لأحد من الممتارين أكثر من حمل بعير ، وأصاب أرض كنعان نحو ما أصاب مصر فأرسل يعقوب بنيه ليمتاروا ، وذلك قوله :
٥٨ ـ (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ) بلا تعريف (وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) لتبدّل الزّي ، ولأنه كان من وراء الحجاب ولطول المدة وهو أربعون سنة ، وروي أنه لما رآهم وكلّموه بالعبرانية قال لهم : أخبروني من أنتم وما شأنكم؟ قالوا : نحن قوم من أهل الشام رعاة أصابنا الجهد فجئتا نمتار ، فقال لعلكم جئتم عيونا تنظرون عورة بلادي؟ فقالوا : معاذ الله نحن بنو نبيّ حزين لفقد ابن كان أحبّنا إليه وقد أمسك أخا له من أمه يستأنس به ، فقال ائتوني به إن صدقتم.
٥٩ ـ (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ) أعطى كلّ واحد منهم حمل بعير وقرئ بكسر الجيم شاذا (ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ) أتمه (وَأَنَا خَيْرُ
__________________
(١) في (ز) توج يوسف.
(٢) في (ظ) بكرا عذراء.
(٣) في (ز) افراثيم.