(قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ (٤٤) وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ) (٤٥)
الهزال الذي ليس بعده (١) ، والسبب في وقوع عجاف جمعا لعجفاء وأفعل وفعلاء لا يجمعان على فعال حمله على نقيضه وهو سمان ، ومن دأبهم حمل النظير على النظير والنقيض على النقيض ، وفي الآية دلالة على أنّ السنبلات اليابسة كانت سبعا كالخضر لأنّ الكلام مبنيّ على انصبابه إلى هذا العدد في البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر فوجب أن يتناول معنى الأخر السبع ويكون قوله وأخر يابسات بمعنى وسبعا أخر (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) كأنه أراد الأعيان من العلماء والحكماء (أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) اللام في للرؤيا للبيان ، كقوله : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) (٢) أو لأنّ المفعول به إذا تقدّم على الفعل لم يكن في قوته على العمل فيه مثله إذا تأخر عنه ، فعضد بها ، تقول عبرت الرؤيا وللرؤيا عبرت ، أو يكون للرؤيا خبر كان كقولك كان فلان لهذا الأمر إذا كان مستقلا به متمكنا منه ، وتعبرون خبر آخر ، أو حال ، وحقيقة عبرت الرؤيا ذكرت عاقبتها وآخر أمرها كما تقول عبرت النهر إذا قطعته حتى تبلغ آخر ع رضه ، وهو عبره ، ونحوه أوّلت الرؤيا إذا ذكرت مآلها ، وهو مرجعها ، وعبرت الرؤيا بالتخفيف هو الذي اعتمده الأثبات ، ورأيتهم ينكرون عبّرت بالتشديد والتعبير والمعبّر.
٤٤ ـ (قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ) أي هي أضغاث أحلام ، أي تخاليطها وأباطيلها وما يكون منها من حديث نفس أو وسوسة شيطان ، وأصل الأضغاث ما جمع من أخلاط النبات وحزم (٣) ، الواحد ضغث فاستعيرت لذلك ، والإضافة بمعنى من أي أضغاث من أحلام ، وإنما جمع وهو حلم واحد تزايدا في وصف الحلم بالبطلان ، وجاز أن يكون قد قصّ عليهم مع هذه الرؤيا رؤيا غيرها (وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ) أرادوا بالأحلام المنامات الباطلة ، فقالوا ليس لها عندنا تأويل إنما التأويل للمنامات الصحيحة ، أو اعترفوا بقصور علمهم وأنهم ليسوا في تأويل الأحلام بنحارير (٤).
٤٥ ـ (وَقالَ الَّذِي نَجا) من القتل (مِنْهُما) من صاحبي السجن (وَادَّكَرَ) بالدال هو الفصيح ، وأصله اذتكر فأبدلت الذال دالا والتاء دالا وأدغمت الأولى في
__________________
(١) في (ظ) الهزال الذي بعده سمانة ، وفي (ز) الذي ليس بعده سمانة.
(٢) يوسف ، ١٢ / ٢.
(٣) زاد في (ز) من أنواع الحشيش.
(٤) في (ز) بخابرين.