إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير النسفي [ ج ٢ ]

تفسير النسفي [ ج ٢ ]

317/503
*

(فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤) ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٣٦)

٣٤ ـ (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ) أي أجاب الله دعاءه (فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لدعوات الملتجئين إليه (الْعَلِيمُ) بحاله وحالهن.

٣٥ ـ (ثُمَّ بَدا لَهُمْ) فاعله مضمر لدلالة ما يفسّره عليه وهو ليسجننّه ، والمعنى بدا لهم بداء أي ظهر لهم رأي ، والضمير في لهم للعزيز وأهله (مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) وهي الشواهد على براءته كقدّ القميص (١) وشهادة الصبي وغير ذلك (لَيَسْجُنُنَّهُ) لإبلاء (٢) عذر الحال ، وإرخاء الستر على القيل والقال ، وما كان ذلك باستنزال المرأة لزوجها ، وكان

مطواعا لها وحميلا (٣) ذلولا ، زمامه في يدها وقد طمعت أن يذلّله السجن ويسخّره لها ، أو خافت عليه العيون وظنّت فيه الظنون ، فألجأها الخجل من الناس ، والوجل من اليأس (٤) ، إلى أن رضيت بالحجاب ، مكان خوف الذهاب ، لتشتفي بخبره ، إذا منعت من نظره (حَتَّى حِينٍ) إلى زمان ، كأنها اقترحت أن يسجن زمانا حتى تبصر ما يكون منه.

٣٦ ـ (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) عبدان للملك خبّازه وشرابيّه بتهمة السمّ ، فأدخلا السجن ساعة أدخل يوسف لأنّ مع يدلّ على معنى الصحبة ، تقول خرجت مع الأمير تريد مصاحبا له ، فيجب أن يكون دخولهما السجن مصاحبين له (قالَ أَحَدُهُما) أي شرابيّه (إِنِّي أَرانِي) أي في المنام ، وهي حكاية حال ماضية (أَعْصِرُ خَمْراً) أي عنبا ، تسمية للعنب بما يؤول إليه ، أو الخمر بلغة عمان اسم للعنب (وَقالَ الْآخَرُ) أي خبّازه (إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ) بتأويل ما رأيناه (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) من الذين يحسنون عبارة الرؤيا ، أو من المحسنين إلى أهل السجن ، فإنك تداوي المرضى (٥) ، وتعزي

__________________

(١) زاد في (ز) وقطع الأيدي.

(٢) في (ز) لإبداء ، والإبلاء : قبول عذر مقدم (انظر القاموس ٤ / ٣٠٥).

(٣) حميلا : تصغير حمل وهو الخروف الصغير.

(٤) في (ز) الباس.

(٥) في (ز) المريض.