(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨١)
لأنه جعل المبتدأ مثل الخبر لأنهما شيء واحد معنى ، وفيه صيانة الربّ عن شبهة التأنيث ، ولهذا قالوا في صفات الله تعالى علّام ولم يقولوا علّامة وإن كان الثاني أبلغ تفاديا من علامة التأنيث (هذا أَكْبَرُ) من باب استعمال النّصفة أيضا مع خصومه (فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) من الأجرام التي تجعلونها شركاء لخالقها ، وقيل هذا كان نظره واستدلاله في نفسه ، فحكاه الله تعالى ، والأول أظهر لقوله يا قوم إني بريء مما تشركون.
٧٩ ـ (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي للذي دلّت هذه المحدثات على أنه منشئها (حَنِيفاً) حال أي مائلا عن الأديان كلّها إلى الإسلام (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) بالله شيئا من خلقه.
٨٠ ـ (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) في توحيد الله تعالى ونفي الشركاء عنه (قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ) في توحيده. أتحاجّوني مدني وابن ذكوان (وَقَدْ هَدانِ) إلى التوحيد ، وبالياء في الوصل أبو عمرو ، ولما خوّفوه أن معبوداتهم تصيبه بسوء قال (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) أي لا أخاف معبوداتكم في وقت قط لأنها لا تقدر على منفعة ولا مضرّة إلّا إذا شاء ربي أن يصيبني منها بضرّ فهو قادر على أن يجعل فيما شاء نفعا وفيما شاء ضرّا لا الأصنام (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) فلا يصيب عبدا شيء من ضرّ أو نفع إلا بعلمه (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) فتميّزوا بين القادر والعاجز.
٨١ ـ (وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ) معبوداتكم وهي مأمونة الخوف (وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ) بإشراكه (عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) حجّة إذ الإشراك لا يكون (١) عليه حجة ، والمعنى وما لكم تنكرون عليّ الأمن في موضع
__________________
(١) في (ز) لا يصح أن يكون.