(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣) وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (٢٠٦)
أن يراد بالإخوان الشياطين ، ويرجع الضمير المتعلق به إلى الجاهلين ، والأول أوجه ، لأنّ إخوانهم في مقابلة الذين اتقوا ، وإنما جمع الضمير في إخوانهم والشيطان مفرد لأن المراد به الجنس.
٢٠٣ ـ (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ) مقترحة (قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) هلا اخترتها ، أي اختلقتها كما اختلقت ما قبلها (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) ولست بمقترح لها (هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) هذا القرآن دلائل تبصّركم وجوه الحق (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) به.
٢٠٤ ـ (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ظاهره وجوب الاستماع والإنصات وقت قراءة القرآن في الصلاة وغيرها ، وقيل معناه إذ تلا عليكم الرسول القرآن عند نزوله فاستمعوا له ، وجمهور الصحابة رضي الله عنهم على أنه في استماع المؤتّم ، وقيل في استماع الخطبة ، وقيل فيهما وهو الأصح.
٢٠٥ ـ (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ) هو عام في الأذكار من قراءة القرآن والدعاء والتسبيح والتهليل وغير ذلك (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) متضرعا وخائفا (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) ومتكلما كلاما دون الجهر لأنّ الإخفاء أدخل في الإخلاص وأقرب إلى حسن التفكّر (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) لفضل هذين الوقتين ، وقيل المراد إدامة الذكر باستقامة الفكر ، ومعنى بالغدو بأوقات الغدو ، وهي الغدوات ، والآصال جمع أصل والأصل جمع أصيل وهو العشي (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) من الذين يغفلون عن ذكر الله ويلهون عنه.
٢٠٦ ـ (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) مكانة ومنزلة لا مكانا ومنزلا يعني الملائكة (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) لا يتعظّمون عنها (وَيُسَبِّحُونَهُ) وينزهونه عما لا يليق به (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) ويختصّونه بالعبادة لا يشركون به غيره (١).
__________________
(١) زاد في (ز) والله أعلم.