(وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (١٦٥)
للتقريع بقديم كفرهم (الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) قريبة منه (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) إذ يتجاوزون حدّ الله فيه ، وهو اصطيادهم في يوم السبت وقد نهوا عنه ، إذ يعدون في محلّ الجرّ بدل من القرية ، والمراد بالقرية أهلها ، كأنه قيل واسألهم عن أهل القرية وقت عدوانهم في السبت ، وهو من بدل الاشتمال (إِذْ تَأْتِيهِمْ) منصوب بيعدون ، أو بدل بعد بدل (حِيتانُهُمْ) جمع حوت أبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها (يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً) ظاهرة على وجه الماء ، جمع شارع ، حال من الحيتان ، والسبت مصدر سبتت اليهود إذا عظّمت سبتها بترك الصيد والاشتغال بالتعبد ، والمعنى إذ يعدون في تعظيم هذا اليوم ، وكذا قوله يوم سبتهم معناه يوم تعظيمهم أمر السبت ، ويدلّ عليه (وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ) ويوم ظرف لا تأتيهم (كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بفسقهم.
١٦٤ ـ (وَإِذْ قالَتْ) معطوف على إذ يعدون وحكمه حكمه (١) في الإعراب (أُمَّةٌ مِنْهُمْ) جماعة من صلحاء القرية الذين أيسوا من وعظهم بعد ما ركبوا الصعب والذلول في موعظتهم الآخرين ، لا يقلعون عن وعظهم (لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً) وإنما قالوا ذلك لعلمهم أنّ الوعظ لا ينفع فيهم (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ) أي موعظتنا إبلاء عذر (٢) إلى الله لئلا ننسب في النهي عن المنكر إلى التفريط ، معذرة حفص على أنه مفعول له ، أي وعظناهم للمعذرة (وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ولطمعنا في أن يتقوا.
١٦٥ ـ (فَلَمَّا نَسُوا) أي أهل القرية ، لما تركوا (ما ذُكِّرُوا بِهِ) ما ذكرهم به الصالحون ، ترك الناسي لما ينساه (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) عن (٣) العذاب الشديد (وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا) الراكبين للمنكر والذين قالوا لم تعظون من الناجين ، فعن الحسن نجت فرقتان وهلكت فرقة وهم الذين أخذوا الحيتان (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) شديد ، يقال بؤس يبؤس بأسا إذا اشتد فهو بئيس. بئس شامي ، بيس مدني ، بيئس
__________________
(١) في (ز) وحكمه كحكمه.
(٢) في مصحف النسفي «معذرة» وهي قراءة. إبلاء : تأدية.
(٣) في (ز) من.