(قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (١٥١) إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢) وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣) وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) (١٥٤)
١٥١ ـ (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي) ليرضي أخاه وينفي الشماتة عنه بإشراكه معه في الدعاء ، والمعنى اغفر لي ما فرط مني في حق أخي ، ولأخي إن كان فرط في حسن الخلافة (وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ) عصمتك في الدنيا وجنتك في الآخرة (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
١٥٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) إلها (سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ) هو ما أمروا به من قتل أنفسهم توبة (وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) خروجهم من ديارهم ، فالغربة تذلّ الأعناق ، أو ضرب الجزية عليهم (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) المتكذبين (١) على الله ، ولا فرية أعظم من قول السامري (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى) (٢).
١٥٣ ـ (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) من الكفر والمعاصي (ثُمَّ تابُوا) رجعوا إلى الله (مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا) وأخلصوا الإيمان (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) أي السيئات أو التوبة (لَغَفُورٌ) لستور عليهم محّاء لما كان منهم (رَحِيمٌ) منعم عليهم بالجنة ، وإنّ مع اسمها وخبرها خبر الذين ، وهذا حكم عام يدخل تحته متخذو العجل وغيرهم ، عظّم جنايتهم أولا ، ثم أردفها بعظم رحمته ليعلم أنّ الذنوب وإن عظمت فعفوه أعظم. ولما كان الغضب لشدّته كأنه هو الآمر لموسى بما فعل قيل :
١٥٤ ـ (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) وقال الزجّاج : معناه سكن ، وقرئ به (أَخَذَ الْأَلْواحَ) التي ألقاها (وَفِي نُسْخَتِها) وفيما نسخ منها ، أي كتب ، فعلة بمعنى مفعول كالخطبة (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) دخلت اللام لتقدّم المفعول وضعف عمل الفعل فيه باعتباره.
__________________
(١) في (ز) الكاذبين.
(٢) طه ، ٢٠ / ٨٨.