أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١١٤) وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ
____________________________________
الذي هو ما ينكره الناس ـ (أَوْ) أمر ب (إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) فإن الحاجة غالبا تدعو إلى الإسرار بهذه الأمور لتكمل ولا يمنع عنها مانع (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي النجوى في هذه الأمور ، أو المراد : من فعل أحد هذه الأمور (ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) أي طلب رضاه سبحانه (فَسَوْفَ) في القيامة (نُؤْتِيهِ) أي نعطيه (أَجْراً عَظِيماً) مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ـ كما هو كذلك في كل طاعة ـ.
[١١٦] وحيث تقدم في القصتين مخالفة الجماعتين للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما أرادوا ، بيّن سبحانه أن عاقبة المخالفة وخيمة (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) أي يخالفه ، ومعنى المشاقة أي يكون كل واحد في شق غير شق الآخر (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) أي ظهر له الحق وأن الرسول لا يقول ولا يعمل إلا بالحق ـ أما من قبل التبيين فالمشاقّ معذور لعدم تمام الحجة عليه ـ (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) أي غير طريقهم الذي هو دينهم ، وهذا أعم من الأول ، وإن كان في مخالفة الدين مشاقة للرسول بالنتيجة (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) أي نخلي بينه وبين معتقده وعمله فلا نجبره على الرجوع ، لأن الدنيا للاختبار والامتحان والجبر ينافي ذلك ، كما قال سبحانه : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) (١) (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) من «أصلاه
__________________
(١) البقرة : ٢٥٧.