وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (١٠٧)
____________________________________
وقد ورد في سبب نزول هاتين الآيتين وما بعدهما ما مجملة : أن بني أبيرق المسمون بشيرا ومبشرا وبشرا وكانوا منافقين نقبوا على عم قتادة بن النعمان فأخرجوا طعاما وسيفا ودرعا ، فشكا قتادة ذلك إلى مؤمنا فخرج عليهم بالسيف ، وقال : أترمونني بالسرقة وأنتم أولى بها مني وأنتم المنافقون تهجون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتنسبون الهجاء إلى قريش ، فداروه ، ثم جاء رجل من رهط بني أبيرق وكان منطقيا بليغا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : إن قتادة عمد إلى أهل بيت منا أهل شرف وحسب ونسب فرماهم بالسرقة ، فاغتم رسول الله وعاتب قتادة عتابا شديدا فاغتم قتادة وكان بدريا. فنزلت الآيات تبرّئ قتادة وتدين بني أبيرق ، فبلغ بشير ما نزل فيه من القرآن ـ وأنه الخائن ـ فهرب إلى مكة وارتد كافرا (١).
[١٠٨] (وَلا تُجادِلْ) يا رسول الله ، وكون النهي للرسول لا ينافي مقام العصمة إذ النواهي تتوجه إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كما تتوجه إلى سائر المسلمين ، والأوامر تعنيه كما تعني غيره (عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ) اختان بمعنى خان ، أي لا تخاصم عن طرف الخائنين الذين يخونون (أَنْفُسَهُمْ) فإن الإنسان إذا صرف نفسه في المعصية فقد خانها ، لأنها وديعة يجب أن ترد ، وردّها بصرفها في الطاعة شيئا فشيئا حتى ينتهي الأمد ويأتي الأجل (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً) هو «فعّال» من الخيانة (أَثِيماً) أي
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٢ ص ٧٤.