إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٦)
____________________________________
يا محمد إن الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ولا يخرج معك إلا من به جراحة ، فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح (١).
[١٠٦] وبعد ذكر جملة من الأحكام المتعلقة بالحرب والجهاد يرجع السياق إلى ما تقدم من لزوم العدل في الحكم كما قال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (٢) فإن الجهاد لم يشرع إلا للعدل ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يبعث إلا لإقامة العدل (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) يا رسول الله (الْكِتابَ بِالْحَقِ) أي إنزالا مقارنا بكونه بالحق فإن الإنزال قد يكون بالباطل إذا كان من غير المستحق ، أو إلى غير المستحق ، وبما هو باطل (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) من الشريعة العادلة (وَلا تَكُنْ) يا رسول الله (لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) أي لأجل الخائنين خصيما على الأبرياء بمعنى لا تأخذ جانب الخائن على البريء فتعطي الحكم للمجرم.
[١٠٧] (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) أي اطلب غفرانه ، وهذا تنبيه للأمة حيث يريدون القضاء ، فإن القضاء يحتاج إلى ستر الله سبحانه حتى لا يزل القاضي (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) يستر العيوب ويرحم المسترحم.
__________________
(١) تفسير القمي : ج ١ ص ١٢٤.
(٢) النساء : ٥٩.