وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ
____________________________________
الآبدين ، إلا أن تدركه شفاعة أو عفو ، وهذا الاستثناء بدليل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (١) (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ) والمراد في مثل هذه الصفات نتائجها ، وإلا فالله سبحانه ليس محلّا للحوادث (وَلَعَنَهُ) أي طرده عن رحمته (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) وفي آية أخرى : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (٢).
[٩٥] ثم أشار القرآن الحكيم إلى بعض الاحتياطات اللازمة على المجاهدين ، لئلّا يقتلوا مسلما خطأ ، وذلك إثر وقوع حادثة وهي أن أسامة بن زيد وأصحابه بعثهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في سرية فلقوا رجلا قد انحاز بغنم له إلى الجبل وكان قد أسلم فقال لهم : السلام عليكم ، لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فبدر إليه أسامة فقتله واستاقوا غنمه ، فلما رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبره بذلك ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أفلا شققت الغطاء عن قلبه ، لا ما قال بلسانه قبلت ولا ما في نفسه علمت» (٣) ، ونزلت الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي خرجتم للجهاد في سبيل إعلاء كلمة الإسلام ، فإن الضرب بمعنى السفر ، لأن المسافر يضرب برجله الأرض (فَتَبَيَّنُوا) أي ميزوا بين الكافر والمؤمن ليكون أمركم واضحا مبينا ولا تفعلوا شيئا بدون التثبّت والتبيّن والتأني (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ
__________________
(١) النساء : ٤٩.
(٢) المائدة : ٣٣.
(٣) بحار الأنوار : ج ٦٥ ص ٢٣٤.