وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ
____________________________________
وهذا الأمر عام دائما في كثير من الحركات فإن قسما من الذين يؤمنون لا بد وأن ينقلبوا ثم يختلف فيهم الباقون ، هل أنهم خارجون حقيقة أم لا ، والآية تبين وجوب وحدة الصف أمام هؤلاء بعد ما ظهر منهم الارتداد. ثم لا يخفى أن تعبير الآية بالمنافقين لا يدل على أنهم لم يكفروا إذ النفاق أعم من الكفر ، ومن المحتمل أن الآية تريد بيان وجوب وحدة الصف أمام المنافقين ، حتى يكون التجنب عنهم عاما وليقروا بالعزلة ، وهذا أقرب إلى ظاهر الآية بمناسبة ما سبق من أحكام المنافقين كما أن صريح الرواية وظاهر الآية اللاحقة (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) يدل على المعنى الأول ، وأنه أريد بالنفاق الكفر.
[٩٠] (وَدُّوا) أي أحبّ هؤلاء المنافقين الذين ارتدوا عن الإسلام وأظهروا الشرك (لَوْ تَكْفُرُونَ) أنتم أيها المسلمون (كَما كَفَرُوا) هم (فَتَكُونُونَ سَواءً) في الكفر ومثل هؤلاء لا ينبغي أن ينقسم المسلمون بالنسبة إليهم قسمين (فَلا تَتَّخِذُوا) أيها المسلمون (مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) أحبّاء وأخلاء ، فإن المسلم لا يصادق الكافر كما قال سبحانه : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) (١) (حَتَّى يُهاجِرُوا) من دار الكفر إلى دار السلام (فِي سَبِيلِ اللهِ) وذلك يلازم الإيمان ، إذ الهجرة لا تكون إلا بعد الإيمان (فَإِنْ تَوَلَّوْا) وأعرضوا عن الإيمان الملازم للهجرة (فَخُذُوهُمْ
__________________
(١) المجادلة : ٢٣.