فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (٨٨)
____________________________________
الله سبحانه المؤمنين بأنه لا ينبغي لهم أن يختلفوا في جهاد الكفار والمنافقين لأعذار واهية ، فقال سبحانه : (فَما لَكُمْ) أيها المسلمون صرتم (فِي الْمُنافِقِينَ) أمر المنافقين (فِئَتَيْنِ) فئة تؤيد محاربتهم لأنهم كفار واقعا ، وفئة لا تؤيد لأنهم أظهروا الإسلام في يوم ما (وَ) الحال أن (اللهُ أَرْكَسَهُمْ) أي ردّهم إلى حكم الكفر (بِما كَسَبُوا) أي بسبب كسبهم للنفاق والشقاق (أَتُرِيدُونَ) أي هل تريدون أيها المسلمون (أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ)؟ أي : أتطمعون في هداية هؤلاء المرتدين ، وقد أضلهم الله؟ وقد تقدم أن معنى إضلال الله تركهم وضلالهم ، بعد أن عرفوا الحق فأعرضوا عنه (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) فيتركه على كفره وضلاله (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) لإنقاذه ، وكيف يمكن إنقاذه وهو معاند يتعامى عن الحق عمدا.
وقد روي عن الإمام الباقر عليهالسلام : «أن هذه الآية نزلت في قوم قدموا المدينة من مكة فأظهروا للمسلمين الإسلام ثم رجعوا إلى مكة ، لأنهم استوخموا المدينة فأظهروا الشرك ، ثم سافروا ببضائع المشركين إلى اليمامة ، فأراد المسلمون أن يغزوهم فاختلفوا فقال بعضهم : لا نفعل فإنهم مؤمنون ، وقال آخرون : إنهم مشركون. فأنزل الله فيهم هذه الآية» (١).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ١٤٣.