فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (٦٢) أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣)
____________________________________
[٦٣] (فَكَيْفَ) يكون حال هؤلاء المنافقين (إِذا) اضطروا للرجوع إليك ، وكيف لا يخجلون في مراجعتك لتخليصهم من مصائبهم ، بعد ما أعرضوا عنك في منازعاتهم؟! فيما إذا (أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي بسبب أعمالهم ، فإن الأعمال السيئة قد تورث المصائب والنكبات (ثُمَّ جاؤُكَ) يا رسول الله يريدون منك إسعافهم في مصيبتهم معتذرين عن مراجعتهم إلى الطاغوت من قبل (يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا) أي ما أردنا في مراجعتنا إلى الطاغوت (إِلَّا إِحْساناً) إليك حتى لا نزاحمك ونأخذ من وقتك (وَتَوْفِيقاً) بين أمورنا ، ولم يكن لنا غرض في الإعراض عنك.
[٦٤] (أُولئِكَ) المنافقون (الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) وإن قصدهم لم يكن الإحسان والتوفيق وإنما الإعراض عنك لأنك تحكم بالحق ولا تقبل الرشوة (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) ولا تظهر لهم القبول حتى يتمادوا في غيهم ويظنون أنهم تمكنوا من إغوائك (وَعِظْهُمْ) بأن تبين لهم خطأ طريقتهم (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ) أي قل لهم قولا يبلغ قرارة نفوسهم ، فإن من الأقوال ما يقال ولا ينفذ إلى القلب لعدم وجود حرارة وحماس في القول ليعيه القلب ، ومن الأقوال ما يقال وينفذ في النفس فكأن النفس محل إيداع القول (قَوْلاً بَلِيغاً) يبلغ نفوسهم.