هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣) لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ
____________________________________
أن المحل الذي صار إليه محل سيئ ، فعلى الإنسان أن لا يفرّ من الحرب ولا يتخلف عن أمر الله والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى يبوء بالغضب والسخط ويكون مصيره النار.
[١٦٤] (هُمْ) أي هؤلاء الذين باءوا بالسخط والذين اتبعوا رضوان الله ، ذوو (دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) فللمؤمنين درجات رفيعة ولغيرهم درجات بذيئة ، أو أن لكل فريق درجات من حيث القرب والبعد ، وحذف كلمة «ذوو» لما تعارف من المجاز في هذه التعبيرات بعلاقة الحال والمحل فيقال عند العد : زيد الدرجة الأولى ، عمرو الدرجة الثانية ، وهكذا (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) فيجازيهم حسب أعمالهم فلا يزهد الإنسان في الإحسان لأنه لا يقدّر ، ولا يجري العاصي في المعصية لأنه لا يرى.
[١٦٥] إن النعمة التي أنعم الله بها على المسلمين مما يوجب شكرها والتضحية في سبيلها فهي نعمة كبيرة جدا لا تماثلها نعمة ولا يبلغ شأنها إحسان ومنّة (لَقَدْ مَنَّ اللهُ) أي أنعم الله ، فإن المنّ القطع ، وتسمى النعمة منّة لأنها تقطع الإنسان عن البلية والفاقة (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) إنما خصوا بالذكر مع أن المنة عامة لأنهم هم الذين استفادوا منها دون سواهم (إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً) فإنه أعظم النعم ، ولذا لم يمن الله على الإنسان بأية نعمة سواها ، فإن في الإرسال صلاح الدين والدنيا والآخرة وإكمال البشر حسب قابلياتهم (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) تذكير بنعمة أخرى ، إذ كون الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من جنس البشر ـ