التاريخي الذي يعدّ أحد أبعاد فكر الشيخ المفيد ، فإنّه إمّا لم يتطرّق إليه أصلا أو ذكره بشكل متناثر عار عن الأهميّة.
إنّ أكمل مجموعة ضمّت جميع كتبه ورسائله الموجودة وجميع المقالات التي كتبت في أبعاد شخصيّته وآثاره هي مجموعة مصنّفات الشيخ المفيد والرسائل وما يقارب سبعين مقالة نشرت بمناسبة مرور ألف عام على رحيله للمؤتمر العالمي الذي أُقيم لتجليل الشيخ المفيد رحمهالله سنة ١٤١٣ هـ في مدينة قم المقدّسة ، ولكن في هذه المجموعة أيضاً قلّما ذكر الجانب التاريخي للشيخ المفيد.
إنّ غاية ما توصّلنا إليه في تحقيقنا أنّه لم يكتب في هذا المجال شيء يذكر ، وانطلاقاً من هذا فقد بذلنا جهدنا وحاولنا أن نجمع في مقالتنا هذه كلّ ما كان حائزاً للأهميّة في فكر الشيخ المفيد ويمكن أن يقع تحت عنوان الوقائع التاريخية أو تحليلا للتاريخ الإسلامي وبالأخصّ تاريخ الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، وحاولنا أن نعطي صورة واضحة عن الالتفاتات التاريخية التي أشار إليها ، مستفيدين في كلّ ذلك من آرائه وأفكاره ، علماً بأنّنا نعتقد بأنّ عملنا هذا لم يكن آخر الأعمال ولا أكملها في هذا المضمار.
وبالرغم من أنّ الاطلاع على أحداث تاريخ صدر الإسلام وبالأخصّ تاريخ الأئمّة عليهمالسلام ضرورة لابدّ منها في كلّ عصر ، ولكن هذا الأمر يصبح في غاية الأهميّة بعد مضيّ قرون متمادية عن ذلك العهد ، وذلك لأنّا إذا نسينا التحقيقات والتحليلات والمدوّنات التاريخيّة الصحيحة التي ورثناها من أسلافنا المتقدّمين وإذا غفلنا عن الآثار الواصلة إلينا في مجال التاريخ فمن الطبيعي جدّاً أنّنا سوف نعاني من فقر شديد في المعلومات ينعكس علينا بشكل لا نستطيع معه أن ندافع عن مبادئنا وآرائنا.