عظمة مساعي وجهود شخصيّات فذّة عظيمة لا مثيل لها كالشيخ المفيد ، بالأخصّ إذا درسنا تلك الحقبة التاريخيّة التي عاشها الشيخ المفيد واستطعنا أن نتعرّف على تلاطم تلك الأمواج المضطربة للآراء والأفكار الكلامية والعقائدية والنظريّات المذهبية في عصره ، فإنّه سوف تتجلّى لنا أكثر عظمة تلك الجهود.
وإنّ ما يهمّنا في هذه الرسالة هو معرفة أحد أهمّ الجوانب من أبعاد هذه الشخصيّة العملاقة التي قلّ ما نعثر على مثيل لها في التاريخ.
خلفيّات دراسة آثار الشيخ المفيد رحمهالله :
بالرغم من كلّ ما كتب عن شخصيّة الشيخ المفيد المتميّزة وأُلّف عن خصوصياتها وما امتازت به شخصيّته الفذّة عن غيرها ، وكلّ ما تناول شخصيته من مؤلّفات صدرت بعد ارتحاله وحتّى في أيّام حياته الشريفة طوال عشرة قرون على اختلاف مشاربها ، والتي انصبّت على دراسة الجوانب المختلفة لآرائه وأفكاره التي تعدّ أُسس المعارف الشيعيّة المذكورة في العديد من الحوارات والمقالات ، ولكن مع كلِّ ذلك فإنّ عدم الإلمام بجميع الجوانب الفكرية له على مرّ العهود الماضية لهو من المواضيع المسلّمة التي لا يختلف فيها اثنان ، وإنّ جميع الجهود التي حصلت في هذا الشأن ـ لتناثرها على أقلّ تقدير ـ ما هي إلاّ قليل من كثير.
إنّ أحد أفضل المؤلّفات التي تطرّقت إلى آراء الشيخ المفيد وحقّقت جانباً منها هو كتاب انديشه هاي كلامي شيخ مفيد (الآراء الكلامية للشيخ المفيد) ، حيث يعدّ من الجهود التي تستحقّ التقدير ، ولكن كما تبيّن من اسمه فإنّه يشير إلى جانب من أفكاره بشمولية ولم يتوجّه إلى الجانب